﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾ رَوى مَعْنُ أوْ عَوْنُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّ رَجُلًا أتاهُ فَقالَ: اعْهَدْ لِي، فَقالَ: إذا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَأرْعِها سَمْعَكَ فَإنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ أوْ شَرٌ تَنْهى عَنْهُ.
وَفِي هَذِهِ التَّقْوى وجْهانِ:
أحَدُهُما: اجْتِنابُ المُنافِقِينَ.
الثّانِي: هو اتِّقاءُ الشُّبُهاتِ.
﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ قالَ ابْنُ زَيْدٍ: ما قَدَّمَتْ مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ.
﴿لِغَدٍ﴾ يَعْنِي يَوْمَ القِيامَةِ والأمْسُ: الدُّنْيا.
قالَ قَتادَةُ: إنَّ رَبَّكم قَدَّمَ السّاعَةَ حَتّى جَعَلَها لِغَدٍ.
﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ في هَذِهِ التَّقْوى وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّها تَأْكِيدٌ لِلْأُولى.
(p-٥١١)والثّانِي: أنَّ المَقْصُودَ بِها مُخْتَلِفٌ وفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّ الأُولى التَّوْبَةُ مِمّا مَضى مِنَ الذُّنُوبِ، والثّانِيَةَ اتِّقاءُ المَعاصِي في المُسْتَقْبَلِ.
الثّانِي: أنَّ الأُولى فِيما تَقَدَّمَ لِغَدٍ، والثّانِيَةُ فِيما يَكُونُ مِنكم.
﴿إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِعِمَلِكم.
الثّانِي: خَبِيرٌ بِكم عَلِيمٌ بِما يَكُونُ مِنكم، وهو مَعْنى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
﴿وَلا تَكُونُوا كالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأنْساهم أنْفُسَهُمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: نَسُوا اللَّهَ أيْ تَرَكُوا أمْرَ اللَّهِ، فَأنْساهم أنْفُسَهم أنْ يَعْمَلُوا لَها خَيْرًا، قالَهُ ابْنُ حِبّانَ.
الثّانِي: نَسُوا حَقَّ اللَّهِ فَأنْساهم حَقَّ أنْفُسِهِمْ، قالَهُ سُفْيانُ.
الثّالِثُ: نَسُوا اللَّهَ بِتَرْكِ شُكْرِهِ وتَعْظِيمِهِ فَأنْساهم أنْفُسَهم بِالعَذابِ أنْ يَذْكُرَ بَعْضُهم بَعْضًا، حَكاهُ ابْنُ عِيسى.
الرّابِعُ: نَسُوا اللَّهَ عِنْدَ الذُّنُوبِ فَأنْساهم أنْفُسَهم عِنْدَ التَّوْبَةِ، قالَهُ سَهْلٌ.
وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: نَسُوا اللَّهَ في الرَّخاءِ فَأنْساهم أنْفُسَهم في الشَّدائِدِ.
﴿أُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ:
أحَدُهُما: العاصُونَ: قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
الثّانِي: الكاذِبُونَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
﴿لا يَسْتَوِي أصْحابُ النّارِ وأصْحابُ الجَنَّةِ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: لا يَسْتَوُونَ في أحْوالِهِمْ، لِأنَّ أهْلَ الجَنَّةِ في نَعِيمٍ، وأهْلَ النّارِ في عَذابٍ.
الثّانِي: لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ، لِأنَّ أهْلَ الجَنَّةِ مِن أوْلِيائِهِ، وأهْلَ النّارِ مِن أعْدائِهِ.
﴿أصْحابُ الجَنَّةِ هُمُ الفائِزُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: المُقَرَّبُونَ المُكَرَّمُونَ.
الثّانِي: النّاجُونَ مِنَ النّارِ، قالَهُ ابْنُ حِبّانَ.
{"ayahs_start":18,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسࣱ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدࣲۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ","وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ","لَا یَسۡتَوِیۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِۚ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ هُمُ ٱلۡفَاۤىِٕزُونَ"],"ayah":"وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ"}