الباحث القرآني

﴿وَأصْحابُ اليَمِينِ ما أصْحابُ اليَمِينِ﴾ فِيهِ سِتَّةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهم أصْحابُ الحَقِّ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: أنَّهم دُونَ مَنزِلَةِ المُقَرَّبِينَ، قالَهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ. الثّالِثُ: أنَّهم مَن أُعْطِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، قالَهُ يَعْقُوبُ بْنُ مُجاهِدٍ. الرّابِعُ: أنَّهُمُ التّابِعُونَ بِإحْسانٍ مِمَّنْ لَمْ يُدْرِكِ الأنْبِياءَ مِنَ الأُمَمِ، قالَهُ الحَسَنُ. الخامِسُ: ما رَواهُ أسْباطٌ عَنِ السُّدِّيِّ: أنَّ اللَّهَ تَعالى مَسَحَ ظَهْرَ آدَمَ فَمَسَحَ صَفْحَةَ ظَهْرِهِ اليُمْنى فَأخْرَجَ ذَرِّيَّةً كَهَيْئَةِ الذَّرِّ بَيْضاءَ فَقالَ لَهُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ ولا أُبالِي، ومَسَحَ صَفْحَةَ ظَهْرِهِ اليُسْرى فَأخْرَجَ ذُرِّيَّةً كَهَيْئَةِ الذَّرِّ سَوْداءَ، فَقالَ لَهُمُ ادْخُلُوا النّارَ ولا أُبالِي، فَذَلِكَ هو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأصْحابُ اليَمِينِ﴾، وقَوْلُهُ ﴿وَأصْحابُ الشِّمالِ﴾ السّادِسُ: ما رَواهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (أصْحابُ اليَمِينِ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا ثُمَّ تابُوا بَعْدَ ذَلِكَ وأصْلَحُوا).» ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾ والسِّدْرُ النَّبْقُ، وفي مَخْضُودٍ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ اللَّيِّنُ الَّذِي لا شَوْكَ فِيهِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، وقالَ غَيْرُهُ لا عُجْمَ لِنَبْقِهِ، يُقالُ خُضْدَتِ الشَّجَرَةُ إذا حَذَفَتْ شَوْكَها. الثّانِي: أنَّهُ المُوَقَّرُ حِمْلًا، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: المُدَلّاةُ الأغْصانِ، وخَصَّ السِّدْرَ بِالذِّكْرِ لِأنَّ ثَمَرَهُ أشْهى الثَّمَرِ إلى النُّفُوسِ طَمَعًا وألَذَّهُ رِيحًا. ﴿وَطَلْحٍ مَنضُودٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: (p-٤٥٤)أحَدُها: أنَّ الطَّلْحَ المَوْزُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، وأبُو هُرَيْرَةَ، والحَسَنُ، وعِكْرِمَةُ. الثّانِي: أنَّها شَجَرَةٌ تَكُونُ بِاليَمَنِ وبِالحِجازِ كَثِيرًا تُسَمّى طَلْحَةً، قالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ، وقِيلَ إنَّها مِن أحْسَنِ الشَّجَرِ مَنظَرًا، لِيَكُونَ بَعْضُ شَجَرِهِمْ مَأْكُولًا وبَعْضُهُ مَنظُورًا، قالَ الحادِي ؎ بَشَّرَها دَلِيلُها وقالا غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ والأحْبالا الثّالِثُ: أنَّهُ الطَّلْعُ، قالَهُ عَلِيٌّ، وحَكى أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: وطَلْعٍ مَنضُودٍ، وفي المَنضُودِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: المَصْفُوفُ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: المُتَراكِمُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾ أيْ دائِمٍ. وَيَحْتَمِلُ ثانِيًا: أنَّهُ التّامُّ. ﴿وَماءٍ مَسْكُوبٍ﴾ أيْ مُنْصَبٍّ في غَيْرِ أُخْدُودٍ. وَيَحْتَمِلُ آخَرَ: أنَّهُ الَّذِي يَنْسَكِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الصُّعُودِ والهُبُوطِ بِخِلافِ الدُّنْيا، قالَ الضَّحّاكُ: مِن جَنَّةِ عَدْنٍ إلى أهْلِ الخِيامِ. ﴿وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ ﴿لا مَقْطُوعَةٍ ولا مَمْنُوعَةٍ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: لا مَقْطُوعَةٍ بِالفَناءِ ولا مَمْنُوعَةٍ مِنَ اليَدِ بِشَوْكٍ أوْ بُعْدٍ. وَفِيهِ وجْهٌ ثالِثٌ: لا مَقْطُوعَةٍ بِالزَّمانِ ولا مَمْنُوعَةٍ بِالأشْجارِ. ﴿وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾ فِيها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها الحَشايا المَفْرُوشَةُ لِلْجُلُوسِ والنَّوْمِ، مَرْفُوعَةٌ بِكَثْرَةِ حَشْوِها زِيادَةً في الِاسْتِمْتاعِ بِها. الثّانِي: أنَّهُمُ الزَّوْجاتُ لِأنَّ الزَّوْجَةَ تُسَمّى فُرُاشًا، ومِنهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: (p-٤٥٥)«الوَلَدُ لِلْفِراشِ ولِلْعاهِرِ الحَجَرُ» قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. فَعَلى هَذا يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: مَرْفُوعاتٌ في القُلُوبِ لِشِدَّةِ المَيْلِ إلَيْهِنَّ. الثّانِي: مَرْفُوعاتٌ عَنِ الفَواحِشِ والأدْناسِ. ﴿إنّا أنْشَأْناهُنَّ إنْشاءً﴾ يَعْنِي نِساءَ أهْلِ الدُّنْيا، وفي إنْشائِهِنَّ في الجَنَّةِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي إنْشاءَهُنَّ في القُبُورِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: إعادَتُهُنَّ بَعْدَ الشَّمْطِ والكِبَرِ صِغارًا أبْكارًا، قالَهُ الضَّحّاكُ، ورَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا: ﴿فَجَعَلْناهُنَّ أبْكارًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: عَذارى بَعْدَ أنْ كُنَّ غَيْرَ عَذارى، قالَهُ يَعْقُوبُ بْنُ مُجاهِدٍ. الثّانِي: لا يَأْتِيها إلّا وجَدَها بِكْرًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: أبْكارًا مِنَ الزَّوْجاتِ، وهُنَّ الأوائِلُ لِأنَّهُنَّ في النُّفُوسِ أحْلى والمَيْلُ إلَيْهِنَّ أقْوى، كَما قالَ الشّاعِرُ ؎ أتانِي هَواها قَبْلَ أنْ أعْرِفَ الهَوى ∗∗∗ فَصادَفَ قَلْبًا فارِغًا فَتَمَكَّنا قَوْلُهُ تَعالى ﴿عُرُبًا أتْرابًا﴾ فِيهِ سَبْعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ العُرْبَ المُنْحَبِساتُ عَلى أزْواجِهِنَّ المُتَحَبِّباتُ إلَيْهِمْ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، والكَلْبِيُّ. الثّانِي: أنَّهُنَّ المُتَحَبِّباتُ مِنَ الضَّرائِرِ لِيَقِفْنَ عَلى طاعَتِهِ ويَتَساعَدْنَ عَلى إشاعَتِهِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. الثّالِثُ: الشَّكْلَةُ بِلُغَةِ أهْلِ مَكَّةَ، والغَنْجَةُ بِلُغَةِ أهْلِ المَدِينَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، ومِنهُ قَوْلُ لَبِيدٍ ؎ وفي الخِباءِ عَرُوبٌ غَيْرُ فاحِشَةٍ ∗∗∗ رَيّا الرَّوادِفِ يَعْشى دُونَها البَصَرُ الرّابِعُ: هُنَّ الحَسَناتُ الكَلامِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. [أيْضًا] (p-٤٥٦)الخامِسُ: أنَّها العاشِقَةُ لِزَوْجِها لِأنَّ عِشْقَها لَهُ يَزِيدُهُ مَيْلًا إلَيْها وشَغَفًا بِها. السّادِسُ: أنَّها الحَسَنَةُ التَّبَعُّلِ، لِتَكُونَ ألَذَّ اسْتِمْتاعًا. السّابِعُ: ما رَواهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (عُرُبًا كَلامُهُنَّ عَرَبِيٌّ)» ﴿أتْرابًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: يَعْنِي أقْرانَ، قالَهُ عَطِيَّةُ. وَقالَ الكَلْبِيُّ: عَلى سِنٍّ واحِدَةٍ ثَلاثٍ وثَلاثِينَ سَنَةً، يُقالُ في النِّساءِ أتْرابٌ، وفي الرِّجالِ أقْرانٌ، وأمْثالٌ، وأشْكالٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: أتْرابٌ في الأخْلاقِ لا تَباغُضَ بَيْنَهُنَّ ولا تَحاسُدَ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب