الباحث القرآني

﴿وَمِن دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أيْ أقْرَبُ مِنهُما جَنَّتانِ. الثّانِي: أيْ دُونَ صِفَتِهِما جَنَّتانِ. وَفِيها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ الجَنّاتِ الأرْبَعَ لِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَيَكُونُ في الأُولَيَيْنِ النَّخْلُ والشَّجَرُ، وفي الأُخْرَيَيْنِ الزَّرْعُ والنَّباتُ وما انْبَسَطَ. (p-٤٤١)الثّانِي: أنَّ الأُولَيَيْنِ مِن ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ، والأُخْرَيَيْنِ مِن ورَقٍ لِأصْحابِ اليَمِينِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّالِثُ: أنَّ الأُولَيَيْنِ لِلسّابِقِينَ، والأُخْرَيَيْنِ لِلتّابِعِينَ، قالَهُ الحَسَنُ. قالَ مُقاتِلٌ: الجَنَّتانِ الأُولَيانِ جَنَّةُ عَدْنٍ وجَنَّةُ النَّعِيمِ والأُخْرَيانِ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ وجَنَّةُ المَأْوى، وفي الجَنّاتِ الأرْبَعِ جِنانٌ كَثِيرَةٌ. وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: أنْ يَكُونَ مِن دُونِهِما جَنَّتانِ لِأتْباعِهِ، لِقُصُورِ مَنزِلَتِهِمْ عَنْ مَنزِلَتِهِ، إحْداهُما لِلْحُورِ العِينِ، والأُخْرى لِلْوِلْدانِ المُخَلَّدِينَ، لِتُمَيَّزَ بِهِما الذُّكُورُ عَنِ الإناثِ. ﴿مُدْهامَّتانِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أيْ خَضْراوانِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: مُسْوَدَّتانِ، قالَهُ مُجاهِدٌ، مَأْخُوذٌ مِنَ الدَّهْمَةِ وهي السَّوادُ، ومِنهُ سُمِّيَ سُودُ الخَيْلِ دُهْمًا. الثّالِثُ: [خَضْرَوانِ مِنَ الرِّيِّ] ناعِمَتانِ، قالَهُ قَتادَةُ. ﴿فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُهُما: مُمْتَلِئَتانِ لا تَنْقَطِعانِ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: جارِيَتانِ، قالَهُ الفَرّاءُ. الثّالِثُ: فَوّارَتانِ، وذَكَرَ في الجَنَّتَيْنِ الأُولَيَيْنِ عَيْنَيْنِ تَجْرِيانِ، وذَكَرَ في الأُخْرَيَيْنِ عَيْنَيْنِ نَضّاخَتَيْنِ، والجَرْيُ أكْثَرُ مِنَ النَّضْخِ. وَبِماذا هُما نَضّاخَتانِ؟ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: بِالماءِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: بِالمِسْكِ والعَنْبَرِ، قالَهُ أنَسٌ. الثّالِثُ: بِالخَيْرِ والبَرَكَةِ، قالَهُ الحَسَنُ، والكَلْبِيُّ. الرّابِعُ: بِأنْواعِ الفاكِهَةِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. ﴿فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ يَعْنِي الجَنّاتِ الأرْبَعَ، وفي الخَيْراتِ قِراءَتانِ إحْداهُما بِالتَّخْفِيفِ، وفي المُرادِ بِها قَوْلانِ: (p-٤٤٢)أحَدُهُما: الخَيْرُ والنِّعَمُ المُسْتَحْسَنَةُ. الثّانِي: خَيْراتُ الفَواكِهِ والثِّمارِ، وحِسانٌ في المَناظِرِ والألْوانِ. والقِرَءاةُ الثّانِيَةُ بِالتَّشْدِيدِ، وفي المُرادِ بِها قَوْلانِ: أحَدُهُما: مُخْتاراتٌ. الثّانِي: ذَواتُ الخَيْرِ وفِيهِنَّ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُنَّ الحُورُ المُنْشَآتُ في الآخِرَةِ. الثّانِي: أنَّهُنَّ النِّساءُ المُؤْمِناتُ الفاضِلاتُ مِن أهْلِ الدُّنْيا. وَفي تَسْمِيَتِهِنَّ خَيْراتٍ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: لِأنَّهُنَّ خَيْراتُ الأخْلاقِ حِسانُ الوُجُوهِ، قالَهُ قَتادَةُ ورَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا: الثّانِي: لِأنَّهُنَّ عَذارى أبْكارًا، قالَهُ أبُو صالِحٍ. الثّالِثُ: لِأنَّهُنَّ مُخْتاراتٍ. الرّابِعُ: لِأنَّهُنَّ خَيْراتٌ صالِحاتٌ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: مَقْصُوراتُ الطَّرْفِ عَلى أزْواجِهِنَّ فَلا يَبْغِينَ بِهِمْ بَدَلًا، ولا يَرْفَعْنَ طَرَفًا إلى غَيْرِهِمْ مِنَ الرِّجالِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: المَحْبُوساتُ في الحِجالِ لَسْنَ بِالطَّوّافاتِ في الطُّرُقِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: المُخَدَّراتُ المَصُوناتُ، ولا مُتَعَطِّلاتٍ ولا مُتَشَوِّفاتٍ، قالَهُ زَيْدُ بْنُ الحارِثِ، وأبُو عُبَيْدَةَ. الرّابِعُ: أنَّهُنَّ المُسْكَناتُ في القُصُورِ، قالَهُ الحَسَنُ. وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: أنْ يُرِيدَ بِالمَقْصُوراتِ البِيضَ، مَأْخُوذٌ مِن قُصارَةِ الثَّوْبِ الأبْيَضِ، لِأنَّ وُقُوعُ الفَرْقِ بَيْنَ المَقْصُوراتِ والقاصِراتِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الفَرْقِ بَيْنَهُما في التَّأْوِيلِ: (p-٤٤٣)وَفِي الخِيامِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ الخِيامَ هي البُيُوتُ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. الثّانِي: أنَّها خِيامٌ تُضْرَبُ لِأهْلِ الجَنَّةِ خارِجَ الجَنَّةِ كَهَيْئَةِ البَداوَةِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. الثّالِثُ: أنَّها خِيامٌ في الجَنَّةِ تُضافُ إلى القُصُورِ. رَوى ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: « (الخِيامُ الدُّرُّ المُجَوَّفُ)» . رُوِيَ «عَنْ أسْماءَ بِنْتِ يَزِيدَ الأشْهَلِيَّةِ أنَّها أتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَتْ يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّنا مَعْشَرَ النِّساءِ مَحْصُوراتٌ مَقْصُوراتٌ قَواعِدُ بُيُوتِكم وحَوامِلُ أوْلادِكُمْ، فَهَلْ نُشارِكُكم في الأجْرِ؟ فَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ (نَعَمْ إذا أحْسَنْتُنَّ تَبَعُّلَ أزْواجِكُنَّ وطَلَبْتُنَّ مَرْضاتَهم» . ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ فِيهِ سِتَّةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ الرَّفْرَفَ المَحْبَسُ المُطَيَّفُ بِبَسْطِهِ، قالَهُ ابْنُ كامِلٍ. الثّانِي: فُضُولُ الفُرُشِ والبُسُطِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: أنَّها الوَسائِدُ، قالَهُ الحَسَنُ وعاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ. الرّابِعُ: أنَّها الفُرُشُ المُرْتَفِعَةُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّفِّ. الخامِسُ: أنَّها المَجالِسُ يَتَّكِئُونَ عَلى فُضُولِها. السّادِسُ: رِياضُ الجَنَّةِ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ. ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها الطُّنافِسُ المَخْمَلِيَّةُ، قالَهُ الحَسَنُ. الثّانِي: الدِّيباجُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. (p-٤٤٤)الثّالِثُ: أنَّها ثِيابٌ في الجَنَّةِ لا يَعْرِفُها أحَدٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ [أيْضًا] . الرّابِعُ: أنَّها ثِيابُ الدُّنْيا تُنْسَبُ إلى عَبْقَرَ. وَفِي عَبْقَرِيٍّ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ سَيِّدُ القَوْمِ، ومِنهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ في عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « (فَلَمْ أرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ» فَنَسَبَهُ إلى أرْفَعِ الثِّيابِ لِاخْتِصاصِهِ. الثّانِي: أرْضُ عَبْقَرَ. وَفِي تَسْمِيَتِها بِذَلِكَ قَوْلانِ: أحَدُهُما: لِكَثْرَةِ الجِنِّ فِيها. الثّانِي: لِكَثْرَةِ رَمْلِها ويَكُونُ المُرادُ بِذَلِكَ أنَّها تَكُونُ مِثْلَ العَبْقَرِيِّ لِأنَّ ما يُنْسَجُ بِعَبْقَرَ لا يَكُونُ في الجَنَّةِ إذا قِيلَ إنَّ عِبْقَرَ اسْمُ أرْضٍ. ﴿تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ ثَبَتَ اسْمُ رَبِّكَ ودامَ. الثّانِي: أنَّ ذِكْرَ اسْمِهِ يُمْنٌ وبَرَكَةٌ، تَرْغِيبًا في مُداوَمَةِ ذِكْرِهِ. ﴿ذِي الجَلالِ والإكْرامِ﴾ في ﴿ذِي الجَلالِ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الجَلِيلُ. الثّانِي: أنَّهُ المُسْتَحِقُّ لِلْإجْلالِ والإعْظامِ. وَفي " الإكْرامِ " وجْهانِ: أحَدُهُما: الكَرِيمُ. الثّانِي: ذُو الإكْرامِ لِمَن يُطِيعُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب