الباحث القرآني

أحَدُها: أنَّهُ الطِّينُ المُخْتَلِطُ بِرَمْلٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّهُ الطِّينُ الرَّطِبُ الَّذِي إذا عَصَرْتَهُ بِيَدِكَ خَرَجَ الماءُ مِن بَيْنِ أصابِعِكَ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنْ عِكْرِمَةَ. الثّالِثُ: أنَّهُ الطِّينُ اليابِسُ الَّذِي تَسْمَعُ لَهُ صَلْصَلَةً، قالَهُ قَتادَةُ. الرّابِعُ: أنَّهُ الطِّينُ الأجْوَفُ الَّذِي إذا ضُرِبَ بِشَيْءٍ صُلَّ وسُمِعَ لَهُ صَوْتٌ. الخامِسُ: أنَّهُ الطِّينُ المُنْتِنُ، قالَهُ الضَّحّاكُ، مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ صَلَّ اللَّحْمَ إذا أنْتَنَ. والمَخْلُوقُ مِن صَلْصالٍ كالفَخّارِ هو آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ. قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلّامٍ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِن تُرابٍ مِن طِينٍ لازِبٍ، فَتَرَكَهُ كَذَلِكَ أرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ صَلْصَلَهُ كالفَخّارِ أرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ صَوَّرَهُ فَتَرَكَهُ جَسَدًا لا رُوحَ فِيهِ أرْبَعِينَ سَنَةً، فَذَلِكَ مِائَةٌ وعِشْرُونَ سَنَةً، كُلُّ ذَلِكَ والمَلائِكَةُ تَقُولُ سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَكَ، لِأمْرِ ما خَلَقَكَ. ﴿وَخَلَقَ الجانَّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ لَهَبُ النّارِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: خَلَطُ النّارِ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. الثّالِثُ: أنَّهُ [اللَّهَبُ] الأخْضَرُ والأصْفَرُ [والأحْمَرُ] الَّذِي يَعْلُو النّارَ إذا أُوقِدَتْ ويَكُونُ بَيْنَها وبَيْنَ الدُّخانِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الرّابِعُ: أنَّها النّارُ المُرْسَلَةُ الَّتِي لا تَمْتَنِعُ، قالَهُ المُبَرِّدُ. الخامِسُ: أنَّها النّارُ المُضْطَرِبَةُ الَّتِي تَذْهَبُ وتَجِيءُ، وسُمِّيَ مارِجًا لِاضْطِرابِهِ وسُرْعَةِ حَرَكَتِهِ. وَفي الجانِّ المَخْلُوقِ مِن مارِجٍ مِن نارٍ قَوْلانِ: (p-٤٢٩)أحَدُهُما: أنَّهُ أبُو الجِنِّ، قالَهُ أبُو فَرْوَةَ يَعْقُوبُ عَنْ مُجاهِدٍ. الثّانِي: أنَّهُ إبْلِيسُ، وهو قَوْلٌ مَأْثُورٌ. وَفي النّارِ الَّتِي خُلِقَ مِن مارِجِها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها مِنَ النّارِ الظّاهِرَةِ بَيْنَ الخَلْقِ، قالَهُ الأكْثَرُونَ. الثّانِي: مِن نارٍ تَكُونُ بَيْنَ الجِبالِ مِن دُونِ السَّماءِ وهي كالكَلَّةِ الرَّقِيقَةِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ. الثّالِثُ: مِن نارٍ دُونَ الحِجابِ ومِنها هَذِهِ الصَّواعِقُ وتَرى خَلْقَ السَّماءِ مِنها، قالَهُ الفَرّاءُ. ﴿رَبُّ المَشْرِقَيْنِ ورَبُّ المَغْرِبَيْنِ﴾ فِيها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ المَشْرِقَيْنِ مَشْرِقُ الشَّمْسِ في الشِّتاءِ والصَّيْفِ، والمَغْرِبَيْنِ مَغْرِبُ الشَّمْسِ في الشِّتاءِ والصَّيْفِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّ المَشْرِقَيْنِ مَشْرِقُ الشَّمْسِ والقَمَرِ، والمَغْرِبَيْنِ مَغْرِبُهُما. الثّالِثُ: أنَّ المَشْرِقَيْنِ الفَجْرُ والشَّمْسُ، والمَغْرِبَيْنِ الشَّمْسُ والغَسَقُ وَأغْمَضَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِقَوْلٍ رابِعٍ: أنَّ المَشْرِقَيْنِ مَشْرِقُ القَلْبِ واللِّسانِ، والمَغْرِبَيْنِ مَغْرِبُ القَلْبِ واللِّسانِ. ﴿مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ﴾ أمّا البَحْرانِ فَفِيهِما خَمْسَةُ أوْجُهٍ: أحَدُهُما: أنَّهُ بَحْرُ السَّماءِ وبَحْرُ الأرْضِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: بَحْرُ فارِسَ والرُّومِ، قالَهُ الحَسَنُ، و قَتادَةُ. الثّالِثُ: أنَّهُ البَحْرُ المالِحُ والأنْهارُ العَذْبَةُ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. (p-٤٣٠)الرّابِعُ: أنَّهُ بَحْرُ المَشْرِقِ وبَحْرُ المَغْرِبِ يَلْتَقِي طَرَفاهُما. الخامِسُ: أنَّهُ بَحْرُ اللُّؤْلُؤِ وبَحْرُ المَرْجانِ. وَأمّا ﴿مَرَجَ البَحْرَيْنِ﴾ فَفِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: تَفْرِيقُ البَحْرَيْنِ، قالَهُ ابْنُ صَخْرٍ. الثّانِي: إسالَةُ البَحْرَيْنِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: اسْتِواءُ البَحْرَيْنِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. وَأصْلُ المَرَجِ، الإهْمالُ كَما تَمْرُجُ الدّابَّةُ في المَرْجِ. ﴿بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ﴾ في البَرْزَخِ الَّذِي بَيْنَهُما أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ حاجِزٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّهُ عَرْضُ الأرْضِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: أنَّهُ ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، قالَهُ عَطِيَّةُ، والضَّحّاكُ. الرّابِعُ: أنَّهُ الجَزِيرَةُ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْها وهي جَزِيرَةُ العَرَبِ، قالَهُ الحَسَنُ، وقَتادَةُ. وَفِي قَوْلِهِ ﴿لا يَبْغِيانِ﴾ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: لا يَخْتَلِطانِ لا يَسِيلُ العَذْبُ عَلى المالِحِ ولا المالِحُ عَلى العَذْبِ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: لا يَبْغِي أحَدُهُما عَلى صاحِبِهِ فَيَغْلِبُهُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ. الثّالِثُ: لا يَبْغِيانِ أنْ يَلْتَقِيا، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، وتَقْدِيرُ الكَلامِ، مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ لَوْلا البَرْزَخُ الَّذِي بَيْنَهُما أنْ يَلْتَقِيا. وَقالَ سَهْلٌ: البَحْرانِ طَرِيقُ الخَيْرِ وطَرِيقُ الشَّرِّ، والبَرْزَخُ الَّذِي بَيْنَهُما التَّوْفِيقُ والعِصْمَةُ. ﴿يَخْرُجُ مِنهُما اللُّؤْلُؤُ والمَرْجانُ﴾ وفي المَرْجانِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: عِظامُ اللُّؤْلُؤِ وكِبارُهُ، وقالَهُ عَلِيٌّ وابْنُ عَبّاسٍ، ومِنهُ قَوْلُ الأعْشى ؎ مِن كُلِّ مَرْجانَةٍ في البَحْرِ أُخْرِجُها تَيّارَها ووَقاها طِينَةَ الصَّدَفِ (p-٤٣١)الثّانِي: أنَّهُ صِغارُ اللُّؤْلُؤِ، قالَهُ الضَّحّاكُ وأبُو رَزِينٍ الثّالِثُ: أنَّهُ الخَرَزُ الأحْمَرُ كالقُضْبانِ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. الرّابِعُ: أنَّهُ الجَوْهَرُ المُخْتَلِطُ، مَأْخُوذٌ مِن مَرَجْتُ الشَّيْءَ إذا خَلَطْتُهُ وفي قَوْلِهِ ﴿يَخْرُجُ مِنهُما﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ المُرادَ أحَدُهُما وإنْ عَطَفَ بِالكَلامِ عَلَيْهِما. الثّانِي: أنَّهُ خارِجٌ مِنهُما عَلى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُما بَحْرُ السَّماءِ وبَحْرُ الأرْضِ، لِأنَّ ماءَ السَّماءِ إذا وقَعَ عَلى صَدَفِ البَحْرِ انْعَقَدَ لُؤْلُؤًا، فَصارَ خَرْجًا مِنهُما. وَفِيهِ وجْهٌ ثالِثٌ: أنَّ العَذْبَ والمالِحَ قَدْ يَلْتَقِيانِ فَيَكُونُ العَذْبُ كاللِّقاحِ لِلْمالِحِ فَنُسِبَ إلَيْهِما كَما نُسِبَ الوَلَدُ إلى الذَّكَرِ والأُنْثى وإنْ ولَدَتْهُ الأُنْثى، ولِذَلِكَ قِيلَ إنَّهُ لا يَخْرُجُ اللُّؤْلُؤُ إلّا مِن مَوْضِعٍ يَلْتَقِي فِيهِ العَذْبُ والمالِحُ. ﴿وَلَهُ الجَوارِ المُنْشَآتُ في البَحْرِ كالأعْلامِ﴾ أمّا الجَوارِي فَهي السُّفُنُ واحِدَتُها جارِيَةٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها تَجْرِي في الماءِ بِإذْنِ اللَّهِ تَعالى، والجارِيَةُ هي المَرْأةُ الشّابَّةُ أيْضًا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّهُ يَجْرِي فِيها ماءُ الشَّبابِ. وَأمّا المُنْشَآتُ فَفِيها خَمْسَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّها المَخْلُوقاتُ، قالَهُ قَتادَةُ مَأْخُوذٌ مِنَ الإنْشاءِ. الثّانِي: أنَّها المُحَمَّلاتُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: أنَّها المُرْسَلاتُ، ذَكَرَهُ ابْنُ كامِلٍ. الرّابِعُ: المُجْرَياتُ، قالَهُ الأخْفَشُ. الخامِسُ: أنَّها ما رُفِعَ قِلْعُهُ مِنها وهي الشَّرَعُ فَهي مُنْشَأةٌ، وما لَمْ يُرْفَعْ لَيْسَتْ بِمُنْشَأةٍ، قالَهُ الكَلْبِيُّ. وَقَرَأ حَمْزَةُ ﴿المُنْشَآتُ﴾ بِكَسْرِ الشِّينِ، وفي مَعْناهُ عَلى هَذِهِ القِراءَةِ وجْهانِ: أحَدُهُما: البادِئاتُ، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ والجارُودُ بْنُ أبِي سَبْرَةَ. الثّانِي: أنَّها يَكْثُرُ نَشَأً بِجَرْيِها وسَيْرِها في البَحْرِ كالأعْلامِ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. وَفي قَوْلِهِ ﴿كالأعْلامِ﴾ وجْهانِ: (p-٤٣٢)أحَدُهُما: يَعْنِي الجِبالَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِارْتِفاعِها كارْتِفاعِ الأعْلامِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. قالَتِ الخَنْساءُ ؎ وإنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الهُداةُ بِهِ ∗∗∗ كَأنَّهُ عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارُ الثّانِي: أنَّ الأعْلامَ القُصُورُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. ﴿يَسْألُهُ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَسْألُونَهُ الرِّزْقَ لِأهْلِ الأرْضِ فَكانَتِ المَسْألَتانِ جَمِيعًا مِن أهْلِ السَّماءِ وأهْلِ الأرْضِ، لِأهْلِ الأرْضِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ ورَوَتْهُ عائِشَةُ مَرْفُوعًا. الثّانِي: أنَّهم يَسْألُونَهُ القُوَّةَ عَلى العِبادَةِ، قالَهُ ابْنُ عَطاءٍ، وقِيلَ إنَّهم يَسْألُونَهُ لِأنْفُسِهِمُ الرَّحْمَةَ، قالَهُ أبُو صالِحٍ. قالَ قَتادَةُ: لا اسْتَغْنى عَنْهُ أهْلُ السَّماءِ ولا أهْلُ الأرْضِ، قالَ الكَلْبِيُّ: وأهْلُ السَّماءِ يَسْألُونَهُ المَغْفِرَةَ خاصَّةً لِأنْفُسِهِمْ ولا يَسْألُونَهُ الرِّزْقَ، وأهْلُ الأرْضِ يَسْألُونَهُ المَغْفِرَةَ والرِّزْقَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب