الباحث القرآني
﴿وَأنَّ إلى رَبِّكَ المُنْتَهى﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: إلى إعادَتِكم لِرَبِّكم بَعْدَ مَوْتِكم يَكُونُ مُنْتَهاكم.
﴿وَأنَّهُ هو أضْحَكَ وأبْكى﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: قَضى أسْبابَ الضَّحِكِ والبُكاءِ.
الثّانِي: أنَّهُ أرادَ بِالضَّحِكِ السُّرُورَ، وبِالبُكاءِ الحُزْنَ.
والثّالِثُ: أنَّهُ خَلَقَ قُوَّتَيِ الضَّحِكِ والبُكاءِ، فَإنَّ اللَّهَ مَيَّزَ الإنْسانَ بِالضَّحِكِ والبُكاءِ مِن بَيْنِ سائِرِ الحَيَوانِ، فَلَيْسَ في سائِرِ الحَيَوانِ ما يَضَحَكُ ويَبْكِي غَيْرَ الإنْسانِ، وقِيلَ إنَّ القِرْدَ وحْدَهُ يَضْحَكُ ولا يَبْكِي، وإنَّ الإبِلَ وحْدَها تَبْكِي ولا تَضْحَكُ.
وَيَحْتَمِلُ وجْهًا رابِعًا: أنْ يُرِيدَ بِالضَّحِكِ والبُكاءِ النِّعَمَ والنِّقَمَ.
﴿وَأنَّهُ هو أماتَ وأحْيا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: قَضى أسْبابَ المَوْتِ والحَياةِ.
الثّانِي: خَلَقَ المَوْتَ والحَياةَ كَما قالَ تَعالى ﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ والحَياةَ﴾ قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
الثّالِثُ: أنْ يُرِيدَ بِالحَياةِ الخَصْبَ وبِالمَوْتِ الجَدْبَ.
الرّابِعُ: أماتَ بِالمَعْصِيَةِ وأحْيا بِالطّاعَةِ.
الخامِسُ: أماتَ الآباءَ وأحْيا الأبْناءَ.
وَيَحْتَمِلُ سادِسًا: أنْ يُرِيدَ بِهِ أنامَ وأيْقَظَ.
(p-٤٠٥)﴿مِن نُطْفَةٍ إذا تُمْنى﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: إذا تَخَلَّقَ وتَقَدَّرَ، قالَهُ الأخْفَشُ.
الثّانِي: إذا نَزَلَتْ في الرَّحِمِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
﴿وَأنَّهُ هو أغْنى وأقْنى﴾ فِيهِ ثَمانِيَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: أغْنى بِالكِفايَةِ وأقْنى بِالزِّيادَةِ، وهو مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أغْنى بِالمَعِيشَةِ وأقْنى بِالمالِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّالِثُ: أغْنى بِالمالِ وأقْنى بِأنْ جَعَلَ لَهم قُنْيَةً، وهي أُصُولُ الأمْوالِ، قالَهُ أبُو صالِحٍ.
الرّابِعُ: أغْنى بِأنْ مَوَّلَ وأقْنى بِأنْ حَرَّمَ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الخامِسُ: أغْنى نَفْسَهُ وأفْقَرَ خَلْقَهُ إلَيْهِ، قالَهُ سُلَيْمانُ التَّيْمِيُّ.
السّادِسُ: أغْنى مَن شاءَ وأفْقَرَ مَن شاءَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
السّابِعُ: أغْنى بِالقَناعَةِ وأقْنى بِالرِّضا، قالَهُ سُفْيانُ.
الثّامِنُ: أغْنى عَنْ أنْ يُخْدِمَ وأقْنى أنْ يَسْتَخْدِمَ، وهَذا مَعْنى قَوْلِ السُّدِّيِّ.
وَيَحْتَمِلُ تاسِعًا: أغْنى بِما كَسَبَهُ [الإنْسانُ] في الحَياةِ وأقْنى بِما خَلَّفَهُ بَعْدَ الوَفاةِ مَأْخُوذٌ مِنِ اقْتِناءِ المالِ وهو اسْتِبْقاؤُهُ.
﴿وَأنَّهُ هو رَبُّ الشِّعْرى﴾ والشِّعْرى نَجْمٌ يُضِيءُ وراءَ الجَوْزاءِ، قالَ مُجاهِدٌ: تَسَمّى هَوْزَمَ الجَوْزاءِ، ويُقالُ إنَّهُ الوَقّادُ، وإنَّما ذَكَرَ أنَّهُ رَبُّ الشِّعْرى وإنْ كانَ رَبًّا لِغَيْرِهِ لِأنَّ العَرَبَ كانَتْ تَعْبُدُهُ فَأُعْلِمُوا أنَّ الشِّعْرى مَرْبُوبٌ ولَيْسَ بِرَبٍّ.
واخْتُلِفَ فِيمَن كانَ يَعْبُدُهُ فَقالَ السُّدِّيُّ: كانَتْ تَعْبُدُهُ حِمْيَرُ وخُزاعَةُ وقالَ غَيْرُهُ: أوَّلُ مَن عَبَدَهُ أبُو كَبْشَةَ، وقَدْ كانَ مَن لا يَعْبُدُها مِنَ العَرَبِ يُعَظِّمُها ويَعْتَقِدُ تَأْثِيرَها في العالَمِ، قالَ الشّاعِرُ
؎ مَضى أيْلُولُ وارْتَفَعَ الحَرُورُ وأخْبَتَ نارَها الشِّعْرى العَبُورُ
﴿وَأنَّهُ أهْلَكَ عادًا الأُولى﴾ فِيهِمْ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ عادًا الأُولى عادُ بْنُ إرَمَ، وهُمُ الَّذِينَ أُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ، وعادًا الآخِرَةَ قَوْمُ هُودٍ.
الثّانِي: أنَّ عادًا الأُولى قَوْمُ هُودٍ والآخِرَةَ قَوْمٌ كانُوا بِحَضْرَمَوْتِ، قالَهُ قَتادَةُ.
(p-٤٠٦)﴿والمُؤْتَفِكَةَ أهْوى﴾ والمُؤْتَفِكَةُ المُنْقَلِبَةُ بِالخَسْفِ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هي مَدائِنُ قَوْمِ لُوطٍ وهي خَمْسَةٌ: صَبْغَةُ وصَغِيرَةُ وعَمْرَةُ ودُوما وسَدُومُ وهي العُظْمى، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ جِبْرِيلُ فاحْتَمَلَها بِجَناحِهِ ثُمَّ صَعَدَ بِها حَتّى أنَّ أهْلَ السَّماءِ يَسْمَعُونَ نُباحَ كِلابِهِمْ وأصْواتَ دَجاجِهِمْ ثُمَّ كَفَأها عَلى وجْهِها ثُمَّ أتْبَعَها بِالحِجارَةِ كَما قالَ تَعالى ﴿وَأمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ قالَ قَتادَةُ: كانُوا أرْبَعَةَ آلافِ ألْفٍ.
﴿أهْوى﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّ جِبْرِيلَ أهْوى بِها حِينَ احْتَمَلَها حَتّى جَعَلَ عالِيَها سافِلَها.
الثّانِي: أنَّهم أكْثَرُ ارْتِكابًا لِلْهَوى حَتّى حَلَّ بِهِمْ ما حَلَّ مِنَ البَلاءِ.
﴿فَغَشّاها ما غَشّى﴾ يَعْنِي المُؤْتَفِكَةَ، وفِيما غَشّاها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: جِبْرِيلُ حِينَ قَلَبَها.
الثّانِي: الحِجارَةُ حَتّى أهْلَكَها.
﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى﴾ وهَذا خِطابٌ لِلْمُكَذِّبِ أيْ فَبِأيِّ نِعَمِ رَبِّكَ تَشُكُّ فِيما أوْلاكَ وفِيما كَفاكَ.
وَفِي قَوْلِهِ ﴿فَغَشّاها﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: ألْقاها.
الثّانِي: غَطّاها.
{"ayahs_start":42,"ayahs":["وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ","وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضۡحَكَ وَأَبۡكَىٰ","وَأَنَّهُۥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحۡیَا","وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَیۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ","مِن نُّطۡفَةٍ إِذَا تُمۡنَىٰ","وَأَنَّ عَلَیۡهِ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰ","وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ","وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ","وَأَنَّهُۥۤ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ","وَثَمُودَا۟ فَمَاۤ أَبۡقَىٰ","وَقَوۡمَ نُوحࣲ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ هُمۡ أَظۡلَمَ وَأَطۡغَىٰ","وَٱلۡمُؤۡتَفِكَةَ أَهۡوَىٰ","فَغَشَّىٰهَا مَا غَشَّىٰ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ"],"ayah":"وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضۡحَكَ وَأَبۡكَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق