الباحث القرآني
﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ أمّا اللّاتَ فَقَدْ كانَ الأعْمَشُ يُشَدِّدُها، وسائِرُ القُرّاءِ عَلى تَخْفِيفِها، فَمَن خَفَّفَها فَلَهم فِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ كانَ صَنَمًا بِالطّائِفِ زَعَمُوا أنَّ صاحِبَهُ كانَ يَلِتُّ عَلَيْهِ السَّوِيقَ لِأصْحابِهِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّانِي: أنَّهُ صَخْرَةٌ يُلَتُّ عَلَيْها السَّوِيقُ بَيْنَ مَكَّةَ والطّائِفِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
وَأمّا مَن شَدَّدَها فَلَهم فِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ كانَ رَجُلًا يَلِتُّ السَّوِيقَ عَلى الحَجَرِ فَلا يَشْرَبُ مِنهُ أحَدٌ إلّا سَمِنَ مَعْبُودُهُ، ثُمَّ ماتَ فَقَلَبُوهُ عَلى قَبْرِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ.
الثّانِي: أنَّهُ كانَ رَجُلًا يَقُومُ عَلى آلِهَتِهِمْ ويَلِتُّ لَهُمُ السَّوِيقَ بِالطّائِفِ قالَهُ (p-٣٩٨)السُّدِّيُّ، وقِيلَ إنَّهُ عامِرُ بْنُ ظِرْبٍ العَدْوانِيُّ ثُمَّ اتَّخَذُوا قَبْرَهُ وثَنًا مَعْبُودًا، قالَ الشّاعِرُ
؎ لا تَنْصُرُوا اللّاتَ إنَّ اللَّهَ مُهْلِكُها وكَيْفَ يَنْصُرُكم مَن لَيْسَ يَنْتَصِرُ
وَأمّا "العُزّى" فِفِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ صَنَمٌ كانُوا يَعْبُدُونَهُ، قالَهُ الجُمْهُورُ.
الثّانِي: أنَّها شَجَرَةٌ كانَ يُعَلَّقُ عَلَيْها ألْوانُ العِهْنِ تَعْبُدُها سُلَيْمٌ، وغَطَفانُ، وجُشَمُ، قالَ مُقاتِلٌ: وهي سَمُرَةٌ، قالَهُ الكَلْبِيُّ: هي الَّتِي بَعَثَ إلَيْها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خالِدَ بْنَ الوَلِيدِ حَتّى قَطَعَها، وقالَ أبُو صالِحٍ: بَلْ كانَتْ نَخْلَةً يُعَلَّقُ عَلَيْها السُّتُورُ والعِهْنُ.
وَقِيلَ في اللّاتِ والعُزّى قَوْلٌ ثالِثٌ: أنَّهُما كانا بَيْتَيْنِ يَعْبُدُهُما المُشْرِكُونَ في الجاهِلِيَّةِ، فاللّاتُ بَيْتٌ كانَ بِنَخْلَةٍ يَعْبُدُهُ كُفّارُ قُرَيْشٍ، والعُزّى بَيْتٌ كانَ بِالطّائِفِ يَعْبُدُهُ أهْلُ مَكَّةَ والطّائِفُ.
﴿وَمَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّهُ كانَ صَنَمًا بِقُدَيْدٍ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ، قالَهُ أبُو صالِحٍ.
الثّانِي: أنَّهُ بَيْتٌ كانَ بِالمَسْلَكِ يَعْبُدُهُ بَنُو كَعْبٍ.
الثّالِثُ: أنَّها أصْنامٌ مِن حِجارَةٍ كانَتْ في الكَعْبَةِ يَعْبُدُونَها.
الرّابِعُ: أنَّهُ وثَنٌ كانُوا يُرِيقُونَ عِنْدَهُ الدِّماءَ يَتَقَرَّبُونَ بِذَلِكَ إلَيْهِ، وبِذَلِكَ سُمِّيَتْ مِنًى لِكَثْرَةِ ما يُراقُ بِها مِنَ الدِّماءِ.
وَإنَّما قالَ: مَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى، لِأنَّها كانَتْ مُرَتَّبَةً عِنْدَ المُشْرِكِينَ في التَّعْظِيمِ بَعْدَ اللّاتِ والعُزّى، ورَوى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وأبُو العالِيَةِ الرِّياحِيُّ أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ الآيَةَ.
ألْقى الشَّيْطانُ عَلى لِسانِهِ تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلا وإنَّ شَفاعَتُهم تُرْتَجى، وفي رِوايَةِ أبِي العالِيَةِ: وشَفاعَتُهم تُرْتَضى ومِثْلُهم لا يُنْسى، فَفَرِحَ المُشْرِكُونَ وقالُوا: قَدْ ذَكَرَ آلِهَتِنا، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَقالَ: أعْرِضْ (p-٣٩٩)عَلَيَّ ما جِئْتُكَ بِهِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ، فَقالَ: لَمْ آتِكَ أنا بِهَذا وهَذا مِنَ الشَّيْطانِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ ﴿ألَكُمُ الذَّكَرُ ولَهُ الأُنْثى﴾ حَيْثُ جَعَلُوا المَلائِكَةَ بَناتَ اللَّهِ.
﴿تِلْكَ إذًا قِسْمَةٌ ضِيزى﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: قِسْمَةٌ عَوْجاءُ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّانِي: قِسْمَةٌ جائِرَةٌ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: قِسْمَةٌ مَنقُوصَةٌ، قالَهُ سُفْيانُ وأكْثَرُ أهْلِ اللُّغَةِ، قالَ الشّاعِرُ
؎ فَإنْ تَنْأى عَنّا نَنْتَقِصْكَ وإنْ تَقُمْ ∗∗∗ فَقَسْمُكَ مَضْئُوزٌ وأنْفُكَ راغِمُ
وَمَعْنى مَضْئُوزٌ أيْ مَنقُوصٌ.
الرّابِعُ: قِسْمَةٌ مُخالِفَةٌ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
﴿أمْ لِلإنْسانِ ما تَمَنّى﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: مِنَ البَنِينِ أنْ يَكُونُوا لَهُ دُونَ البَناتِ.
الثّانِي: مِنَ النُّبُوَّةِ أنْ تَكُونَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ.
﴿فَلِلَّهِ الآخِرَةُ والأُولى﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: يَعْنِي أنَّهُ أقْدَرَ مِن خَلْقِهِ، فَلَوْ جازَ أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ - كَما نَسَبَهُ إلَيْهِ المُشْرِكُونَ حِينَ جَعَلُوا لَهُ البَناتَ دُونَ البَنِينَ وتَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا - لَكانَ بِالبَنِينَ أحَقُّ مِنهم.
الثّانِي: أنَّهُ لا يُعْطِي النُّبُوَّةَ مَن تَمَنّاها، وإنَّما يُعْطِيها مَنِ اخْتارَهُ لَها لِأنَّهُ مالِكُ السَّماواتِ والأرْضِ.
{"ayahs_start":19,"ayahs":["أَفَرَءَیۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ","وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ","أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ","تِلۡكَ إِذࣰا قِسۡمَةࣱ ضِیزَىٰۤ","إِنۡ هِیَ إِلَّاۤ أَسۡمَاۤءࣱ سَمَّیۡتُمُوهَاۤ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَـٰنٍۚ إِن یَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَلَقَدۡ جَاۤءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلۡهُدَىٰۤ","أَمۡ لِلۡإِنسَـٰنِ مَا تَمَنَّىٰ","فَلِلَّهِ ٱلۡـَٔاخِرَةُ وَٱلۡأُولَىٰ","۞ وَكَم مِّن مَّلَكࣲ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ لَا تُغۡنِی شَفَـٰعَتُهُمۡ شَیۡـًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن یَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَرۡضَىٰۤ"],"ayah":"وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











