الباحث القرآني

﴿والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهم ذُرِّيَّتُهم بِإيمانٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الذُّرِّيَّةَ بِإيمانِ الآباءِ الجَنَّةَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّ اللَّهَ تَعالى يُعْطِي الذُّرِّيَّةَ مِثْلَ أُجُورِ الآباءِ مِن غَيْرِ أنْ يُنْقَصَ الآباءُ مِن أُجُورِهِمْ شَيْئًا، قالَهُ إبْراهِيمُ. الثّالِثُ: أنَّهُمُ البالِغُونَ عَمِلُوا بِطاعَةِ اللَّهِ مَعَ آبائِهِمْ فَألْحَقَهُمُ اللَّهُ بِآبائِهِمْ، قالَهُ قَتادَةُ. الرّابِعُ: أنَّهُ لَمّا أدْرَكَ أبْناؤُهُمُ الأعْمالَ الَّتِي عَمِلُوها تَبِعُوهم عَلَيْها فَصارُوا مِثْلَهم فِيها، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. (p-٣٨٢)﴿وَما ألَتْناهم مِن عَمَلِهِمْ مِن شَيْءٍ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: ما نَقَصْناهم، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، قالَ رُؤْبَةُ ؎ ولَيْلَةٍ ذاتِ سِرًى سَرَيْتُ ولَمْ يَلِتْنِي عَنْ سِراها لَيْتُ أيْ لَمْ يُنْقِصْنِي، ومَعْنى الكَلامِ: ولَمْ يُنْقَصِ الآباءُ بِما أعْطَيْنا الأبْناءَ. الثّانِي: مَعْناهُ وما ظَلَمْناهم، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ، قالَ الحُطَيْئَةُ ؎ أبْلِغْ سَراةَ بَنِي سَعْدٍ مُغَلْغَلَةً ∗∗∗ جَهْدَ الرِّسالَةِ لا ألْتًا ولا كَذِبًا أيْ لا ظُلْمًا، ولا كَذِبًا. وَمَعْنى الكَلامِ: لَمْ نَظْلِمِ الآباءَ بِما أعْطَيْنا الأبْناءَ، وإنَّما فَعَلَ تَعالى ذَلِكَ بِالأبْناءِ كَرَمَةً لِلْآباءِ. ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مُؤاخَذَةٌ كَما تُؤْخَذُ الحُقُوقُ مِنَ الرُّهُونِ. الثّانِي: أنَّهُ يُحْبَسُ، ومِنهُ الرَّهْنُ لِاحْتِباسِهِ بِالحَقِّ قالَ الشّاعِرُ ؎ وما كُنْتُ أخْشى أنْ يَكُونَ رَهِينَةً ∗∗∗ لِأحْمَرَ قِبْطِيٍّ مِنَ القَوْمِ مُعْتَقِ ﴿يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْسًا﴾ أيْ، يَتَعاطَوْنَ ويَتَساقَوْنَ بِأنْ يُناوِلَ بَعْضُهم بَعْضًا، وهو المُؤْمِنُ وزَوْجاتُهُ وخَدَمُهُ في الجَنَّةِ. والكَأْسُ إناءٌ مَمْلُوءٌ مِن شَرابٍ وغَيْرِهِ فَهو كَأْسٌ، فَإذا فَرَغَ لَمْ يُسَمَّ كَأْسًا، وشاهِدُ التَّنازُعِ والكَأْسِ في اللُّغَةِ قَوْلُ الأخْطَلِ ؎ وشارِبٍ مِرْبَحٌ بِالكَأْسِ نادَمَنِي ∗∗∗ لا بِالحُضُورِ ولا فِيها بِسِوارِ ∗∗∗ نازَعَتْهُ طِيبُ الرّاحِ السُّمُولُ وقَدِ ∗∗∗ صاحَ الدَّجاجُ وحانَتْ وقْعُهُ السّارِي. ﴿لا لَغْوٌ فِيها ولا تَأْثِيمٌ﴾ فِيها أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: لا باطِلٌ في الخَمْرِ ولا مَأْثَمٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ، وإنَّما ذَلِكَ في الدُّنْيا مِنَ الشَّيْطانِ. الثّانِي: لا كَذِبٌ فِيها ولا خُلْفٌ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّالِثُ: لا يَتَسابُّونَ عَلَيْها ولا يُؤَثِّمُ بَعْضُهم بَعْضًا، قالَهُ مُجاهِدٌ. (p-٣٨٣)الرّابِعُ: لا لَغْوٌ في الجَنَّةِ ولا كَذِبٌ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا. واللَّغْوُ هاهُنا فُحْشُ الكَلامِ كَما قالَ ذُو الرُّمَّةِ ؎ فَلا الفُحْشُ فِيهِ يَرْهَبُونَ ولا الخَنا ∗∗∗ عَلَيْهِمْ ولَكِنْ هَيْبَةٌ هِي ما هِيا ∗∗∗ بِمُسْتَحْكَمٍ جَزْلِ المُرُوءَةِ مُؤْمِنٍ ∗∗∗ مِنَ القَوْمِ لا يَهْوى الكَلامَ اللَّواغِيا ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ﴾ ذَكَرَ ابْنُ بَحْرٍ فِيهِ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ الأطْفالُ مِن أوْلادِهِمُ الَّذِينَ سَبَقُوهم، فَأقَرَّ اللَّهُ بِهِمْ أعْيُنَهم. الثّانِي: أنَّهم مَن أخْدَمَهُمُ اللَّهُ إيّاهم مِن أوْلادِ غَيْرِهِمْ. ﴿كَأنَّهم لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ﴾ أيْ مَصُونٌ بِالكَنِّ والغِطاءِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ ؎ قَدْ كُنْتُ أُعْطِيهِمْ مالًا وأمْنَعُهم ∗∗∗ عِرْضِي، ووُدُّهم في الصَّدْرِ مَكْنُونٌ قالَ قَتادَةُ: بَلَغَنِي أنَّهُ «قِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ هَذا الخَدَمُ مِثْلُ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ فَكَيْفَ المَخْدُومُ؟ قالَ: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَفَضْلِ ما بَيْنَهم، كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةِ البَدْرِ عَلى النُّجُومِ» . ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: بِالجَنَّةِ والنَّعِيمِ. الثّانِي: بِالتَّوْفِيقِ والهِدايَةِ. ﴿وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ عَذابُ النّارِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَقالَ الأصَمُّ: السَّمُومُ اسْمٌ مِن أسْماءِ جَهَنَّمَ. الثّانِي: أنَّهُ وهَجُ جَهَنَّمَ، وهو مَعْنى قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ. الثّالِثُ: لَفْحُ الشَّمْسِ والحَرِّ، وقَدْ يُسْتَعْمَلُ في لَفْحِ البَرْدِ، كَما قالَ الرّاجِزُ ؎ اليَوْمَ يَوْمٌ بارِدٌ سَمُومُهُ ∗∗∗ مِن جَزِعَ اليَوْمِ فَلا نَلُومُهُ ﴿إنَّهُ هو البَرُّ الرَّحِيمُ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ البَرَّ الصّادِقُ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. الثّانِي: اللَّطِيفُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. (p-٣٨٤)الثّالِثُ: أنَّهُ فاعِلُ البِرِّ المَعْرُوفُ بِهِ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب