الباحث القرآني

﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْراهِيمَ المُكْرَمِينَ﴾ قالَ عُثْمانُ بْنُ مُحْسِنٍ: كانُوا أرْبَعَةً مِنَ المَلائِكَةِ: جِبْرِيلَ ومِيكائِيلَ وإسْرافِيلَ ورَفائِيلَ. وَفِي قَوْلِهِ ﴿المُكْرَمِينَ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهم عِنْدَ اللَّهِ المُعَظَّمُونَ. الثّانِي: مُكْرَمُونَ لِإكْرامِ إبْراهِيمَ لَهم حِينَ خَدَمَهم بِنَفْسِهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. قالَ عَطاءٌ: وكانَ إبْراهِيمُ إذا أرادَ أنْ يَتَغَذّى، أوْ يَتَعَشّى خَرَجَ المِيلَ والمِيلَيْنِ والثَّلاثَةَ، فَيَطْلُبُ مَن يَأْكُلُ مَعَهُ. قالَ عِكْرِمَةُ: وكانَ إبْراهِيمُ يُكَنّى أبا الضِّيفانِ، وكانَ لِقَصْرِهِ أرْبَعَةُ أبْوابٍ لِكَيْ ِلاَ يَفُوتُهُ أحَدٌ. وَسُمِّيَ الضَّيْفُ ضَيْفًا، لِإضافَتِهِ إلَيْكَ وإنْزالِهِ عَلَيْكَ. ﴿إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلامًا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: قالَهُ الأخْفَشُ، أيْ مُسالِمِينَ غَيْرَ مُحارِبِينَ لِتَسْكُنَ نَفْسُهُ. (p-٣٧٠)الثّانِي: أنَّهُ دَعا لَهم بِالسَّلامَةِ، وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ، لِأنَّ التَّحِيَّةَ بِالسَّلامِ تَقْتَضِي السُّكُونَ والأمانَ، قالَ الشّاعِرُ ؎ أظَلُومُ إنَّ مُصابَكم رَجُلًا أهْدى السَّلامَ تَحِيَّةً ظُلِمَ فَأجابَهم إبْراهِيمُ عَنْ سَلامَتِهِمْ بِمِثْلِهِ: ﴿قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ لِأنَّهُ رَآهم عَلى غَيْرِ صُورَةِ البَشَرِ وعَلى غَيْرِ صُورَةِ المَلائِكَةِ الَّذِينَ كانَ يَعْرِفُهم، فَنَكِرَهم وقالَ ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ وفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أيْ قَوْمٌ لا يُعْرَفُونَ. الثّانِي: أيْ قَوْمٌ يُخافُونَ، يُقالُ أنْكَرْتُهُ إذا خِفْتُهُ، قالَ الشّاعِرُ ؎ فَأنْكَرَتْنِي وما كانَ الَّذِي نَكِرَتْ ∗∗∗ مِنَ الحَوادِثِ إلّا الشَّيْبَ والصَّلَعا ﴿فَراغَ إلى أهْلِهِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: فَعَدَلَ إلى أهْلِهِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. الثّانِي: أنَّهُ أخْفى مَيْلَهُ إلى أهْلِهِ. ﴿فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ أمّا العِجْلُ فَفي تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ وجْهانِ: أحَدُهُما: لِأنَّ بَنِي إسْرائِيلَ عَجَّلُوا بِعِبادَتِهِ. الثّانِي: لِأنَّهُ عَجَّلَ في اتِّباعِ أُمِّهِ. قالَ قَتادَةُ: جاءَهم بِعِجْلٍ لِأنَّ كانَ عامَّةُ مالِ إبْراهِيمَ البَقَرَ، واخْتارَهُ لَهم سَمِينًا زِيادَةً في إكْرامِهِمْ، وجاءَ بِهِ مَشْوِيًّا، وهو مَحْذُوفٌ مِنَ الكَلامِ لِما فِيهِ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ. فَرَوى عَوْنُ بْنُ أبِي شَدّادٍ أنَّ جِبْرِيلَ مَسَحَ العِجْلَ بِجَناحِهِ فَقامَ يَدْرُجُ، حَتّى لَحِقَ بِأُمِّهِ، وأُمُّ العِجْلِ في الدّارِ. ﴿فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قالَ ألا تَأْكُلُونَ﴾ لِأنَّهُمُ امْتَنَعُوا مِنَ الأكْلِ لِأنَّ المَلائِكَةَ لا يَأْكُلُونَ ولا يَشْرَبُونَ، فَرَوى مَكْحُولٌ أنَّهم قالُوا لا نَأْكُلُهُ إلّا بِثَمَنٍ، قالَ كُلُوا فَإنَّ لَهُ ثَمَنًا، قالُوا وما ثَمَنُهُ؟ قالَ: إذا وضَعْتُمْ أيْدِيكم أنْ تَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، وإذا فَرَغْتُمْ أنْ تَقُولُوا: الحَمْدُ لِلَّهِ، قالُوا: بِهَذا اخْتارَكَ اللَّهُ يا إبْراهِيمُ. (p-٣٧١)﴿فَأوْجَسَ مِنهم خِيفَةً﴾ لِأنَّهم لَمْ يَأْكُلُوا، خافَ أنْ يَكُونَ مَجِيئَهم إلَيْهِ لِشَرٍّ يُرِيدُونَهُ بِهِ. ﴿قالُوا لا تَخَفْ وبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ إسْحاقُ مِن سارَّةَ، اسْتِشْهادًا بِقَوْلِهِ تَعالى في آيَةٍ أُخْرى ﴿وَبَشَّرْناهُ بِإسْحاقَ﴾ [الصّافّاتِ: ١١٢] . الثّانِي: أنَّهُ إسْماعِيلُ مِن هاجَرَ، قالَهُ مُجاهِدٌ. ﴿عَلِيمٍ﴾ أيْ يَرْزُقُهُ اللَّهُ عِلْمًا إذا كَبُرَ. ﴿فَأقْبَلَتِ امْرَأتُهُ في صَرَّةٍ﴾ فِيها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: الرَّنَّةُ والتَّأوُّهُ، قالَهُ قَتادَةُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ ؎ وشَرْبَةٍ مِن شَرابٍ غَيْرِ ذِي نَفَسٍ ∗∗∗ في صَرَّةٍ مِن تَخُومِ الصَّيْفِ وهّاجٍ الثّانِي: أنَّها الصَّيْحَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ، ومِنهُ أُخِذَ صَرِيرِ البابِ، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ ؎ فَألْحَقَهُ بِالهادِياتِ ودُونَهُ ∗∗∗ جَواحِرُها في صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّلْ الثّالِثُ: أنَّها الجَماعَةُ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ، ومِنهُ المُصَرّاةُ مِنَ الغَنَمِ لِجَمْعِ اللَّبَنِ في ضَرْعِها. وَسُمِّيَتْ صُرَّةِ الدَّراهِمِ فِيها، قالَ الشّاعِرُ ؎ رُبَّ غُلامٍ قَدْ صَرى في فَقْرَتِهِ ∗∗∗ ماءَ الشَّبابِ عُنْفَوانَ سَنْبَتِهْ وَأمّا قَوْلُهُ ﴿فَصَكَّتْ وجْهَها﴾ فَفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ لَطَّخَتْ وجْهَها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّها ضَرَبَتْ جَبِينَها تَعَجُّبًا. ﴿وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ أيْ، أتَلِدُ عَجُوزٌ عَقِيمٌ؟ قالَهُ مُجاهِدٌ والسُّدِّيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب