الباحث القرآني

(p-٣٣٩)سُورَةُ ق مَكِّيَّةٌ كُلُّها في قَوْلِ الحَسَنِ وعِكْرِمَةَ وعَطاءٍ وجابِرٍ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ: إلّا آيَةً وهي قَوْلُهُ تَعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما﴾ الآيَةَ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ق﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ تَعالى أقْسَمَ بِها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآنِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: أنَّ مَعْناهُ قَضى واللَّهِ، كَما قِيلَ في حم: حم واللَّهِ، وهَذا مَعْنى قَوْلِ مُجاهِدٍ. الرّابِعُ: أنَّهُ اسْمُ الجَبَلِ المُحِيطِ بِالدُّنْيا، قالَهُ الضَّحّاكُ. قالَ مُقاتِلٌ: وعُرُوقُ الجِبالِ كُلُّها مِنهُ. وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: أنْ يَكُونَ مَعْناهُ قِفْ; كَما قالَ الشّاعِرُ: (p-٣٤٠) ؎ قُلْتُ لَها قِفِي فَقالَتْ قافْ أيْ وقَفْتُ. وَيَحْتَمِلُ ما أُرِيدَ بِوَقْفِهِ عَلَيْهِ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: قِفْ عَلى إبْلاغِ الرِّسالَةِ لِئَلّا تَضْجَرَ بِالتَّكْذِيبِ. الثّانِي: قِفْ عَلى العَمَلِ بِما يُوحى إلَيْكَ لِئَلّا تَعْجَلَ عَلى ما لَمْ تُؤْمَرْ بِهِ. ﴿والقُرْآنِ المَجِيدِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ الكَرِيمُ، قالَهُ الحَسَنُ. الثّانِي: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِن كَثْرَةِ القُدْرَةِ والمَنزِلَةِ، لا مِن كَثْرَةِ العَدَدِ مِن قَوْلِهِمْ فُلانٌ كَثِيرٌ في النُّفُوسِ، ومِنهُ قَوْلُ العَرَبِ في المَثَلِ السّائِرِ: لَها في كُلِّ الشَّجَرِ نارٌ، واسْتَجْمَدَ المَرْخُ والعَفارُ، أيِ اسْتَكْثَرَ هَذانِ النَّوْعانِ مِنَ النّارِ وزادَ عَلى سائِرِ الشَّجَرِ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. الثّالِثُ: أنَّهُ العَظِيمُ، مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ قَدْ مَجَدَتِ الإبِلُ إذا أُعْظِمَتْ بُطُونُها مِن كَلَأِ الرَّبِيعِ. ﴿والقُرْآنِ المَجِيدِ﴾ قَسَمٌ أقْسَمَ اللَّهُ بِهِ تَشْرِيفًا لَهُ وتَعْظِيمًا لِخَطَرِهِ لِأنَّ عادَةً جارِيَةً في القَسَمِ ألّا يَكُونَ إلّا بِالمُعَظَّمِ. وَجَوابُ القَسَمِ مَحْذُوفٌ ويَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: هو أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَلْ عَجِبُوا أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهُمْ﴾ الثّانِي: أنَّكم مَبْعُوثُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﴿أإذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿بَلْ عَجِبُوا أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهُمْ﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا ﷺ. ﴿فَقالَ الكافِرُونَ هَذا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهم عَجِبُوا أنْ دُعُوا إلى إلَهٍ واحِدٍ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: عَجِبُوا أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهم، مِن قِبَلِ اللَّهِ تَعالى. الثّالِثُ: أنَّهم عَجِبُوا مِن إنْذارِهِمْ بِالبَعْثِ والنُّشُورِ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنهُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مَن يَمُوتُ مِنهُمْ، قالَهُ قَتادَةُ. (p-٣٤١)الثّانِي: يَعْنِي ما تَأْكُلُهُ الأرْضُ مِن لُحُومِهِمْ وتُبْلِيهِ مِن عِظامِهِمْ، قالَهُ الضَّحّاكُ. ﴿وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ﴾ يَعْنِي اللَّوْحَ المَحْفُوظَ. وَفي حَفِيظٍ وجْهانِ: أحَدُهُما: حَفِيظٌ لِأعْمالِهِمْ. الثّانِي: لِما يَأْكُلُهُ التُّرابُ مِن لُحُومِهِمْ وأبْدانِهِمْ وهو الَّذِي تَنْقُصُهُ الأرْضُ مِنهم. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ﴾ الآيَةَ. الحَقُّ يَعْنِي القُرْآنَ في قَوْلِ الجَمِيعِ. ﴿مَرِيجٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ المَرِيجَ المُخْتَلَطُ. قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: المُخْتَلَفُ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: المُلْتَبِسُ، قالَهُ الحَسَنُ. الرّابِعُ: الفاسِدُ، قالَهُ أبُو هُرَيْرَةَ. وَمِنهُ قَوْلُ أبِي دَؤادٍ ؎ مَرِجَ الدِّينُ فَأعْدَدْتُ لَهُ ∗∗∗ مُشْرِفَ الحارِكِ مَحْبُوكَ الكَتَدْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب