الباحث القرآني

أحَدُهُما: أنَّهُ كُلُّ حُفْرَةٍ في الأرْضِ مِن بِئْرٍ وقَبْرٍ. الثّانِي: أنَّها البِئْرُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ بِحَجَرٍ ولا غَيْرِهِ. وَأمّا أصْحابُ الرَّسِّ فَفِيهِمْ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها بِئْرٌ قُتِلَ فِيها صاحِبُ ياسِينَ ورَسُوهُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: أنَّهم أهْلُ بِئْرٍ بِأذْرِبِيجانَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: أنَّهم قَوْمٌ بِاليَمامَةِ كانَ لَهم آبارٌ، قالَهُ قَتادَةُ. قالَ الزُّهَيْرُ ؎ بَكَرْنَ بُكُورًا واسْتَحَرْنَ بِسَحْرَةٍ فَهُنَّ ووادِي الرَّسِّ كاليَدِ في الفَمِ الرّابِعُ: أنَّهم أصْحابُ الأُخْدُودِ. ﴿وَثَمُودُ﴾ وهم قَوْمُ صالِحٍ، وكانُوا عَرَبًا بِوادِي القُرى وما حَوْلَها. وَثَمُودٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الثَّمَدِ وهو الماءِ القَلِيلِ الكَدِرِ، قالَ النّابِغَةُ ؎ واحْكم بِحُكْمِ فَتاةِ الحَيِّ إذْ نَظَرَتْ ∗∗∗ إلى حَمامٍ سِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ ﴿وَعادٌ﴾ وهو اسْمُ رَجُلٍ كانَ مِنَ العَمالِيقِ كَثُرَ ولَدُهُ، فَصارُوا قَبائِلَ وكانُوا بِاليَمَنِ بِالأحْقافِ، والأحْقافُ الرِّمالُ، وهم قَوْمُ هُودٍ. ﴿وَفِرْعَوْنُ﴾ وقَدِ اخْتُلِفَ في أصْلِهِ فَحُكِيَ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ كانَ فارِسِيًّا مِن أهْلِ إصْطَخْرَ. وَقالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كانَ مِن أهْلِ مِصْرَ وحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ عاشَ ثَلاثَمِائَةِ سَنَةٍ مِنها مِائَتانِ وعِشْرُونَ سَنَةً لا يُرى ما يَقْذِي عَيْنَهُ، فَدَعاهُ مُوسى ثَمانِينَ سَنَةً. وَحَكى غَيْرُهُ أنَّهُ عاشَ أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ. واخْتُلِفَ في نَسَبِهِ فَقالَ بَعْضُهم هو مِن لَخْمٍ، وقالَ آخَرُونَ هو مِن تُبَّعٍ. ﴿وَإخْوانُ لُوطٍ﴾ يَعْنِي قَوْمَهُ وأتْباعَهُ، قالَ مُجاهِدٌ: كانُوا أرْبَعَمِائَةِ ألْفِ بَيْتٍ، في كُلِّ بَيْتٍ عَشَرَةُ مَرَدَةٍ، فَكانُوا أرْبَعَةَ آلافِ ألْفٍ. (p-٣٤٥)وَقالَ عَطاءٌ: ما مِن أحَدٍ مِنَ الأنْبِياءِ إلّا وقَدْ يَقُومُ مَعَهُ قَوْمٌ إلّا لُوطٍ فَإنَّهُ يَقُومُ وحْدَهُ. ﴿وَأصْحابُ الأيْكَةِ﴾ والأيْكَةُ الغَيْضَةُ ذاتُ الشَّجَرِ المُلْتَفِّ كَما قالَ أبُو داوُدَ الإيادِيُّ ؎ كَأنَّ عَرِينَ أيْكَتِهِ تَلاقى ∗∗∗ بِها جَمْعانُ مِن نِبْطٍ ورُومِ قالَ قَتادَةُ: وكانَ عامَّةُ شَجَرِها الدُّومَ، وكانَ رَسُولُهم شُعَيْبًا، وأرْسَلَ إلَيْهِمْ، وإلى أهْلِ مَدْيَنَ، أُرْسِلَ إلى أُمَّتَيْنِ مِنَ النّاسِ، وعُذِّبَتا بِعَذابَيْنِ، أمّا أهْلُ مَدْيَنَ فَأخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، وأمّا أصْحابُ الأيْكَةِ فَكانُوا أهْلَ شَجَرٍ مُتَكاوِسٍ. ﴿وَقَوْمُ تُبَّعٍ﴾ وتُبَّعٌ كانَ رَجُلًا مِن مُلُوكِ العَرَبِ مِن حِمْيَرَ، سُمِّيَ تُبَّعًا لِكَثْرَةِ مَن تَبِعَهُ. قالَ وهْبٌ: إنَّ تُبَّعًا أسْلَمَ وكَفَرَ قَوْمُهُ، فَلِذَلِكَ ذُكِرَ قَوْمُهُ، ولَمْ يُذْكَرْ تُبَّعٌ. قالَ قَتادَةُ وهو الَّذِي حَيَّرَ الحِيرَةَ وفَتَحَ سَمَرْقَنْدَ حَتّى أخْرَبَها، وكانَ يَكْتُبُ إذا كَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي تَسَمّى ومَلَكَ بَرًّا وبَحْرًا وضُحًى ورِيحًا. ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وعِيدِ﴾ يَعْنِي أنَّ كُلَّ هَؤُلاءِ كَذَّبُوا مَن أُرْسِلَ إلَيْهِمْ، فَحَقَّ عَلَيْهِمْ وعِيدُ اللَّهِ وعَذابُهُ. فَذَكَرَ اللَّهُ قَصَصَ هَؤُلاءِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، لِيَعْلَمَ المُكَذِّبُونَ مِنهم بِالنَّبِيِّ ﷺ أنَّهم كَغَيْرِهِمْ مِن مُكَذِّبِي الرُّسُلَ إنْ أقامُوا عَلى التَّكْذِيبِ فَلَمْ يَأْمَنُوا، حَتّى أرْشَدَ اللَّهُ مِنهم مَن أرْشَدَ وتَبِعَهم رَغَبًا ورَهَبًا مَن تَبِعَ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أفَعَيِينا بِالخَلْقِ الأوَّلِ بَلْ هم في لَبْسٍ مِن خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أمّا اللَّبْسُ فَهو اكْتِسابُ الشَّكِّ، ومِنهُ قَوْلُ الخَنْساءِ ؎ صَدِّقْ مَقالَتَهُ واحْذَرْ عَداوَتَهُ ∗∗∗ والبَسْ عَلَيْهِ بِشَكٍّ مِثْلَ ما لَبِسا والخَلْقُ الجَدِيدُ هو إعادَةُ خَلْقٍ ثانٍ بَعْدَ الخَلْقِ الأوَّلِ. وَفي مَعْنى الكَلامِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أفَعَجِزْنا عَنْ إهْلاكِ الخَلْقِ الأوَّلِ، يَعْنِي مَن تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ حِينَ كَذَّبُوا رُسُلِي مَعَ قُوَّتِهِمْ، حَتّى تَشُكُّوا في إهْلاكِنا لَكم مَعَ ضَعْفِكم إنْ كَذَّبْتُمْ، فَيَكُونُ هَذا خارِجًا مِنهُ مَخْرَجَ الوَعِيدِ. (p-٣٤٦)الثّانِي: مَعْناهُ أنَّنا لَمْ نَعْجِزْ عَنْ إنْشاءِ الخَلْقِ الأوَّلِ، فَكَيْفَ تَشُكُّونَ في إنْشاءِ خَلْقٍ جَدِيدٍ، يَعْنِي بِالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، فَيَكُونُ هَذا خارِجًا مَخْرَجَ البُرْهانِ والدَّلِيلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب