الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قُلْ ما كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مَعْناهُ لَسْتُ بِأوَّلِ الرُّسُلِ. والبِدْعُ الأوَّلُ. والبَدِيعُ مِن كُلِّ شَيْءٍ المُبْتَدِعُ، وأنْشَدَ قُطْرُبٌ لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ ؎ فَلا أنا بِدْعٌ مِن حَوادِثَ تَعْتَرِي رِجالًا غَدَتْ مِن بَعْدِ بُؤْسِي بِأسْعَدَ ﴿وَما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: يَعْنِي لا أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكم في الدُّنْيا لا في الآخِرَةِ، فَلا أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي أُخْرَجُ كَما أُخْرِجَتِ الأنْبِياءُ مِن قَبْلِي، أوْ أُقْتَلُ كَما قُتِلَ الأنْبِياءُ مِن قَبْلِي ولا أدْرِي ما يُفْعَلُ بِكُمْ، إنَّكم مُصَدِّقُونَ أوْ مُكَذِّبُونَ، أوْ مُعَذَّبُونَ أوْ مُؤَخَّرُونَ، قالَهُ الحَسَنُ: الثّانِي: لا أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكم في الآخِرَةِ. وَهَذا قَبْلَ نُزُولِ ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ﴾ الآيَةَ. فَلَمّا نَزَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عامَ الحُدَيْبِيَةِ عَلِمَ ما يُفْعَلُ بِهِ في الآخِرَةِ وقالَ لِأصْحابِهِ: « (لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ آيَةٌ هي أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الدُّنْيا جَمِيعِها فَلَمّا تَلاها قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: هَنِيئًا يا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ما يَفْعَلُ بِكَ، فَماذا يَفْعَلُ بِنا؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ الآيَةَ. » قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ قَبْلَ الهِجْرَةِ « (لَقَدْ رَأيْتُ في مَنامِي أرْضًا أُخْرَجُ إلَيْها مِن مَكَّةَ فَلَمّا اشْتَدَّ البَلاءُ عَلى أصْحابِهِ بِمَكَّةَ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ حَتّى مَتى نَلْقى هَذا (p-٢٧٣)البَلاءَ؟ ومَتى تَخْرُجُ إلى الأرْضِ الَّتِي رَأيْتَ؟ فَقالَ ﷺ: (ما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكم، أنَمُوتُ بِمَكَّةَ أمْ نُخْرَجُ مِنها» قالَ الكَلْبِيُّ. الرّابِعُ: مَعْناهُ قُلْ لا أدْرِي ما أُؤْمَرُ بِهِ ولا ما تُؤْمَرُونَ بِهِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب