الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿والَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أتَعِدانِنِي أنْ أُخْرَجَ﴾ أيْ أُبْعَثَ.
﴿وَقَدْ خَلَتِ القُرُونُ مِن قَبْلِي﴾ فَلَمْ يُبْعَثُوا.
وَفِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وأُمِّهِ أُمِّ رُومانَ (p-٢٨٠)يَدْعُوانِهِ إلى الإسْلامِ ويَعِدانِهِ بِالبَعْثِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِما بِما حَكاهُ اللَّهُ عَنْهُ، وكانَ هَذا مِنهُ قَبْلَ إسْلامِهِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
قالَ السُّدِّيُّ: فَلَقَدْ رَأيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبِي بَكْرٍ بِالمَدِينَةِ، وما بِالمَدِينَةِ أعْبَدُ مِنهُ، ولَقَدِ اسْتَجابَ اللَّهُ فِيهِ دَعْوَةَ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ولَمّا أسْلَمَ وحَسُنَ إسْلامُهُ، نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ في هَذِهِ الآيَةِ ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ الثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، وكانَ يَدْعُوهُ أبَواهُ إلى الإسْلامِ فَيُجِيبُهُما بِما أخْبَرَ اللَّهُ تَعالى، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّالِثُ: أنَّها نَزَلَتْ في جَماعَةٍ مِنَ الكُفّارِ قالُوا ذَلِكَ لِآبائِهِمْ ولِذَلِكَ قالَ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ﴾ والعَرَبُ قَدْ تَذْكُرُ الواحِدَ وتُرِيدُ بِهِ الجَمْعَ وهَذا مَعْنى قَوْلِ الحَسَنِ.
فَأمّا ال ﴿أُفٍّ﴾ فَهي كَلِمَةُ تَبَرُّمٍ يُقْصَدُ بِها إظْهارُ السُّخْطِ وقُبْحِ الرَّدِّ.
قالَ الشّاعِرُ
؎ ما يُذْكَرُ الدَّهْرُ إلّا قُلْتَ أُفٍّ لَهُ إذا لَقِيتُكَ لَوْلا قالَ لِي لاقِي
وَفِي أصْلِ الأُفِّ والتَّفِّ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّ الأُفَّ وسَخُ الأُذُنِ، والتَّفَّ وسَخُ الأنْفِ.
الثّانِي: الأُفُّ وسَخُ الأظْفارِ، والتَّفُّ الَّذِي يَكُونُ في أُصُولِ الأظافِرِ.
الثّالِثُ: أنَّ الأُفَّ العَلِيلُ الأنْفِ، والتَّفَّ الإبْعادُ.
﴿وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ﴾ أيْ يَدْعُوانِ اللَّهِ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ، اللَّهُمَّ اقْبِلْ بِقَلْبِهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ.
﴿وَيْلَكَ آمِن إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ في الثَّوابِ عَلى الإيمانِ، والعِقابِ عَلى الكُفْرِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلى النّارِ أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا﴾ يَحْتَمِلُ أرْبَعَةَ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مَعْناهُ أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في الآخِرَةِ بِمَعاصِيكم في الدُّنْيا.
الثّانِي: ألْهَتْكُمُ الشَّهَواتُ عَنِ الأعْمالِ الصّالِحَةِ.
(p-٢٨١)الثّالِثُ: أذْهَبْتُمْ لَذَّةَ طَيِّباتِكم في الدُّنْيا بِما اسْتَوْجَبْتُمُوهُ مِن عِقابِ مَعاصِيكم في الآخِرَةِ.
الرّابِعُ: مَعْناهُ اقْتَنَعْتُمْ بِعاجِلِ الطَّيِّباتِ في الدُّنْيا بَدَلًا مِن آجِلِ الطِّيِّباتِ في الآخِرَةِ.
وَرَوى الحَسَنُ عَنِ الأحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ يَقُولُ: لَأنا أعْلَمُ بِخَفْضِ العَيْشِ، ولَوْ شِئْتُ لَجَعَلْتُ أكْبادًا وأسْنِمَةً وصِلاءً وصَنابًا وسَلائِقَ، ولَكِنْ أسْتَبْقِي حَسَناتِي، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى وصَفَ قَوْمًا فَقالَ: ﴿أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكم في حَياتِكُمُ الدُّنْيا واسْتَمْتَعْتُمْ بِها﴾ والصِّلاءُ، والشِّواءُ، والصِّنابُ الأُصْبُغَةُ والسَّلائِقُ الرِّقاقُ العَرِيضُ.
وَقالَ ابْنُ بَحْرٍ فِيهِ تَأْوِيلٌ خامِسٌ: أنَّ الطَّيِّباتِ: الشَّبابُ والقُوَّةُ، مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ: ذَهَبَ أطْيَباهُ أيْ شَبابُهُ وقُوَّتُهُ.
وَوَجَدْتُ الضَّحّاكُ قالَهُ أيْضًا.
﴿واسْتَمْتَعْتُمْ بِها﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: بِالدُّنْيا.
الثّانِي: بِالطِّيِّباتِ.
﴿فاليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الهُونِ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: الهُونُ الهَوانُ.
قالَ قَتادَةُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ.
﴿بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ يَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ:
أحَدُها: تَسْتَعْلُونَ عَلى أهْلِها بِغَيْرِ اسْتِحْقاقٍ.
الثّانِي: تَتَغَلَّبُونَ عَلى أهْلِها بِغَيْرِ دِينٍ.
الثّالِثُ: تَعْصُونَ اللَّهَ فِيها بِغَيْرِ طاعَةٍ.
﴿وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: تَفْسُقُونَ في أعْمالِكم بَغْيًا وظُلْمًا.
الثّانِي: في اعْتِقادِكم كُفْرًا وشِرْكًا.(p-٢٨٢)
{"ayahs_start":17,"ayahs":["وَٱلَّذِی قَالَ لِوَ ٰلِدَیۡهِ أُفࣲّ لَّكُمَاۤ أَتَعِدَانِنِیۤ أَنۡ أُخۡرَجَ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلۡقُرُونُ مِن قَبۡلِی وَهُمَا یَسۡتَغِیثَانِ ٱللَّهَ وَیۡلَكَ ءَامِنۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ فَیَقُولُ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ حَقَّ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِیۤ أُمَمࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ خَـٰسِرِینَ","وَلِكُلࣲّ دَرَجَـٰتࣱ مِّمَّا عَمِلُوا۟ۖ وَلِیُوَفِّیَهُمۡ أَعۡمَـٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ","وَیَوۡمَ یُعۡرَضُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ أَذۡهَبۡتُمۡ طَیِّبَـٰتِكُمۡ فِی حَیَاتِكُمُ ٱلدُّنۡیَا وَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهَا فَٱلۡیَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَبِمَا كُنتُمۡ تَفۡسُقُونَ"],"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ حَقَّ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِیۤ أُمَمࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ خَـٰسِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق