الباحث القرآني

(p-٢٤٤)سُورَةُ الدُّخانِ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿حم﴾ ﴿والكِتابِ المُبِينِ﴾ يَعْنِي والقُرْآنِ المُبِينِ، فَأقْسَمَ بِهِ، وفي قَسَمِهِ بِـ ﴿حم﴾ وجْهانِ مِنَ اخْتِلافِهِمْ في تَأْوِيلِهِ. ﴿إنّا أنْزَلْناهُ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ أنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ إلى سَماءِ الدُّنْيا. ﴿فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ فِيها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها لَيْلَةُ النِّصْفِ مِن شَعْبانَ; قالَهُ عِكْرِمَةُ. الثّانِي: أنَّها لَيْلَةُ القَدْرِ. (p-٢٤٥)رَوى قَتادَةُ عَنْ وائِلَةَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: « (نَزَلَتْ صُحُفُ إبْراهِيمَ في أوَّلِ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَتِ التَّوْراةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِن رَمَضانَ وأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الإنْجِيلُ لِثَمانِي عَشْرَةَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ. وَأُنْزِلَ القُرْآنُ لِأرْبَعٍ وعِشْرِينَ مِن رَمَضانَ» وفي تَسْمِيَتِها مُبارَكَةً وجْهانِ: أحَدُهُما: لِما يَنْزِلُ فِيها مِنَ الرَّحْمَةِ. الثّانِي: لِما يُجابُ فِيها مِنَ الدُّعاءِ. ﴿إنّا كُنّا مُنْذِرِينَ﴾ بِالقُرْآنِ مِنَ النّارِ. وَيَحْتَمِلُ: ثالِثًا: مُنْذِرِينَ بِالرُّسُلِ مِنَ الضَّلالِ. ﴿فِيها﴾ في هَذِهِ اللَّيْلَةِ المُبارَكَةِ. ﴿يُفْرَقُ كُلُّ أمْرٍ حَكِيمٍ﴾ وفي يُفْرَقُ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يُقْضى، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: يُكْتَبُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: يَنْزِلُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الرّابِعُ: يَخْرُجُ، قالَهُ ابْنُ سِنانٍ. وَفِي تَأْوِيلِ ﴿كُلُّ أمْرٍ حَكِيمٍ﴾ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: الآجالُ والأرْزاقُ والسَّعادَةُ والشَّقاءُ مِنَ السَّنَةِ إلى السَّنَةِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: كُلَّ ما يُقْضى مِنَ السَّنَةِ إلى السَّنَةِ، إلّا الشَّقاوَةَ والسَّعادَةَ فَإنَّهُ في أُمِّ الكِتابِ لا يُغَيَّرُ ولا يُبَدَّلُ، قالَهُ ابْنُ عُمَرَ. الثّالِثُ: كُلُّ ما يُقْضى مِنَ السَّنَةِ إلى السَّنَةِ إلّا الحَياةَ والمَوْتَ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الرّابِعُ: بَرَكاتُ عَمَلِهِ مِنَ انْطِلاقِ الألْسُنِ بِمَدْحِهِ، وامْتِلاءِ القُلُوبِ مِن هَيْبَتِهِ، قالَهُ بَعْضُ أصْحابِ الخَواطِرِ. الحَكِيمُ هُنا هو المُحْكِمُ. وَلَيْلَةُ القَدْرِ باقِيَةٌ ما بَقِيَ الدَّهْرُ، وهي في شَهْرِ رَمَضانَ (p-٢٤٦)فِي العَشْرِ الأواخِرِ مِنهُ. وَلا وجْهَ لِقَوْلِ مَن قالَ إنَّها رُفِعَتْ بِمَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ، ولا لِقَوْلِ مَن جَوَّزَها في جَمِيعِ السَّنَةِ لِأنَّ الخَبَرَ والأثَرَ والعَيانَ يَدْفَعُهُ. واخْتُلِفَ في مَحِلِّها مِنَ العَشْرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ عَلى أقاوِيلَ ذَكَرَها في سُورَةِ القَدْرِ أوْلى. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أمْرًا مِن عِنْدِنا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ الأمْرَ هو القُرْآنُ أنْزَلَهُ اللَّهُ مِن عِنْدِهِ، حَكاهُ النَّقّاشُ. الثّانِي: أنَّهُ ما قَضاهُ اللَّهُ في اللَّيْلَةِ المُبارَكَةِ مِن أحْوالِ عِبادِهِ، قالَهُ ابْنُ عِيسى. وَيَحْتَمِلُ: ثالِثًا: أنَّهُ إرْسالُ مُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا. ﴿إنّا كُنّا مُرْسِلِينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مُرْسِلِينَ الرُّسُلَ لِلْإنْذارِ. الثّانِي: مُنْزِلِينَ ما قَضَيْناهُ عَلى العِبادِ. الثّالِثُ: مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِن رَبِّكَ. وَفِي ﴿رَحْمَةً مِن رَبِّكَ﴾ هُنا وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّها نِعْمَةُ اللَّهِ بِبَعْثَةِ رَسُولِهِ ﷺ. الثّانِي: أنَّها رَأْفَتُهُ بِهِدايَةِ مَن آمَنَ بِهِ. ﴿إنَّهُ هو السَّمِيعُ﴾ لِقَوْلِهِمْ ﴿العَلِيمُ﴾ بِفِعْلِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب