الباحث القرآني

(p-١٩١)سُورَةُ الشُّورى مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الحَسَنِ، وعِكْرِمَةَ، وعَطاءٍ، وجابِرٍ، وقالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ، إلّا أرْبَعَ آياتٍ مِنها نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ ﴿قُلْ لا أسْألُكم عَلَيْهِ أجْرًا إلا المَوَدَّةَ﴾ إلى آخِرِها. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿حم﴾ ﴿عسق﴾ فِيهِ سَبْعَةُ تَأْوِيلاتٍ. أحَدُها: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآنِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ أقْسَمَ بِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: فَواتِحُ السُّوَرِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الرّابِعُ: أنَّهُ اسْمُ الجَبَلِ المُحِيطِ بِالدُّنْيا، قالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ. الخامِسُ: أنَّها حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ فالحاءُ والمِيمُ مِنَ الرَّحْمَنِ والعَيْنُ مِنَ العَلِيمُ، والسِّينُ مِنَ القُدُّوسِ، والقافُ مِنَ القاهِرِ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ. (p-١٩٢)السّادِسُ: أنَّها حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ مِن حَوادِثَ آتِيَةٍ، فالحاءُ مِن حَرْبٍ والمِيمُ مِن تَحْوِيلِ مُلْكٍ، والعَيْنُ مِن عَدُوٍّ مَقْهُورٍ، والسِّينُ مِنِ اسْتِئْصالِ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ، والقافُ مِن قُدْرَةِ اللَّهِ في مُلُوكِ الأرْضِ، قالَهُ عَطاءٌ. السّابِعُ: ما حُكِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمانِ أنَّها نَزَلَتْ في رَجُلٍ يُقالُ لَهُ عَبْدُ الإلَهِ كانَ في مَدِينَةٍ عَلى نَهْرٍ بِالمَشْرِقِ خَسَفَ اللَّهُ بِها، فَذَلِكَ قَوْلُهُ حم يَعْنِي عَزِيمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى، عَيْنٌ يَعْنِي عَدْلًا مِنهُ: سِينٌ يَعْنِي سُكُونًا، قافٌ يَعْنِي واقِعًا بِهِمْ. وَكانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقْرَؤُها حم سق بِغَيْرِ عَيْنٍ، وهي في مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ حَكاهُ الطَّبَرِيُّ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يَتَشَقَّقْنَ فَرَقًا مِن عَظَمَةِ اللَّهِ، قالَهُ الضَّحّاكُ والسُّدِّيُّ، قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ؎ لَيْتَ السَّماءَ تَفَطَّرَتْ أكْنافُها وتَناثَرَتْ مِنها نُجُومٌ الثّانِي: مِن عِلْمِ اللَّهِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: مُمَّنْ فَوْقَهُنَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الرّابِعُ: لِنُزُولِ العَذابِ مِنهُنَّ. ﴿والمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: بِأمْرِ رَبِّهِمْ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: بِشُكْرِ رَبِّهِمْ. وَفِي تَسْبِيحِهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: تَعَجُّبًا مِمّا يَرَوْنَ مِن تَعَرُّضِهِمْ لِسُخْطِ اللَّهِ، قالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. الثّانِي: خُضُوعًا لِما يَرَوْنَ مِن عَظَمَةِ اللَّهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن في الأرْضِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: (p-١٩٣)أحَدُهُما: لِمَن في الأرْضِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، قالَهُ الضَّحّاكُ والسُّدِّيُّ. الثّانِي: لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، رَواهُ الأصْبَغُ بْنُ نَباتَةَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ. وَسَبَبُ اسْتِغْفارِهِمْ لِمَن في الأرْضِ ما حَكاهُ الكَلْبِيُّ أنَّ المَلائِكَةَ لَمّا رَأتِ المَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتُبِرا وبُعِثا إلى الأرْضِ لِيَحْكُما بَيْنَهُمْ، فافْتَتَنا بِالزُّهْرَةِ وهَرَبا إلى إدْرِيسَ وهو جَدُّ أبِي نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، وسَألاهُ أنْ يَدْعُوَ لَهُما سَبَّحَتِ المَلائِكَةُ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ واسْتَغْفَرَتْ لِبَنِي آدَمَ. وَفي اسْتِغْفارِهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: مِنَ الذُّنُوبِ والخَطايا. وَهو ظاهِرُ قَوْلِ مُقاتِلٍ. الثّانِي: أنَّهُ طَلَبُ الرِّزْقِ لَهم والسَّعَةُ عَلَيْهِمْ، قالَهُ الكَلْبِيُّ. وَفي هَؤُلاءِ المَلائِكَةِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم جَمِيعُ مَلائِكَةِ السَّماءِ وهو الظّاهِرُ مِن قَوْلِ الكَلْبِيِّ. الثّانِي: أنَّهم حَمَلَةُ العَرْشِ. قالَ مُقاتِلٌ وقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ مِن حم المُؤْمِنِ فَقالَ ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ ومَن حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ﴾ وقالَ مُطَرِّفٌ: وجَدْنا أنْصَحَ عِبادِ اللَّهِ لِعِبادِ اللَّهِ المَلائِكَةَ، ووَجَدْنا أغَشَّ عِبادِ اللَّهِ لِعِبادِ اللَّهِ الشَّياطِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب