الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قُلْ أإنَّكم لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ في يَوْمَيْنِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: خَلَقَها في يَوْمَيِ الأحَدِ والِاثْنَيْنِ، وخَلَقَها في يَوْمَيْنِ أدَلُّ عَلى القُدْرَةِ والحِكْمَةِ مِن خَلْقِها دُفْعَةً واحِدَةً في طَرْفَةِ عَيْنٍ، لِأنَّهُ أبْعَدُ مِن أنْ يُظَنَّ بِهِ الِاتِّفاقُ والطَّبْعُ، ولِيُرْشِدَ خَلْقَهُ إلى الأناةِ في أُمُورِهِمْ.
﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أنْدادًا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أشْباهًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: شُرَكاءً، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
الثّالِثُ: كُفُوًا مِنَ الرِّجالِ تُطِيعُونَهم في مَعاصِي اللَّهِ تَعالى قالَهُ السُّدِّيُّ.
الرّابِعُ: هو قَوْلُ الرَّجُلِ لَوْلا كَلْبَةُ فُلانٍ لَأتى اللُّصُوصُ، ولَوْلا فُلانٌ لَكانَ كَذا، رَواهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِن فَوْقِها﴾ أيْ جِبالًا، وفي تَسْمِيَتِها رَواسِيَ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لِعُلُوِّ رُءُوسِها.
الثّانِي: لِأنَّ الأرْضَ بِها راسِيَةٌ أوْ لِأنَّها عَلى الأرْضِ ثابِتَةٌ راسِيَةٌ.
﴿وَبارَكَ فِيها﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أيْ أنْبَتَ شَجَرَها مِن غَيْرِ غَرْسٍ وأخْرَجَ زَرْعَها مِن غَيْرِ بِذْرٍ، قالَ السُّدِّيُّ.
الثّانِي: أوْدَعَها مَنافِعَ أهْلِها وهو مَعْنى قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
﴿وَقَدَّرَ فِيها أقْواتَها﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: قَدَّرَ أرْزاقَ أهْلِها، قالَهُ الحَسَنُ.
الثّانِي: قَدَّرَ فِيها مَصالِحَها مِن جِبالِها وبِحارِها وأنْهارِها وشَجَرِها ودَوابِّها قالَهُ قَتادَةُ.
(p-١٧١)الثّالِثُ: قَدَّرَ فِيها أقْواتَها مِنَ المَطَرِ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الرّابِعُ: قَدَّرَ في كُلِّ بَلْدَةٍ مِنها ما لَمْ يَجْعَلْهُ في الأُخْرى لِيَعِيشَ بَعْضُهم مِن بَعْضٍ بِالتِّجارَةِ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
﴿فِي أرْبَعَةِ أيّامٍ﴾ يَعْنِي تَتِمَّةَ أرْبَعَةِ أيّامٍ، ومِنهُ قَوْلُ القائِلُ: خَرَجْتُ مِنَ البَصْرَةِ إلى بَغْدادَ في عَشَرَةِ أيّامٍ، وإلى الكُوفَةِ في خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا، أيْ في تَتِمَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَقَدْ جاءَ في الحَدِيثِ المَرْفُوعِ «أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ الأرْضَ يَوْمَ الأحَدِ والِاثْنَيْنِ وخَلَقَ الجِبالَ يَوْمَ الثُّلاثاءِ، وخَلَقَ يَوْمَ الأرْبِعاءِ الشَّجَرَ والماءَ والخَرابَ والعُمْرانَ، فَتِلْكَ أرْبَعَةُ أيّامٍ، وخَلَقَ يَوْمَ الخَمِيسِ السَّماءَ، وخَلَقَ يَوْمَ الجُمُعَةِ النُّجُومَ والشَّمْسَ والقَمَرَ والمَلائِكَةَ وآدَمَ.
» وفي خَلْقِها شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: لِتَعْتَبِرَ بِهِ المَلائِكَةُ الَّذِينَ أُحْضِرُوا.
والثّانِي: لِيَعْتَبِرَ بِهِ العُبّادُ الَّذِينَ أُخْبِرُوا.
﴿سَواءً لِلسّائِلِينَ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ:
أحَدُهُما: سَواءً لِلسّائِلِينَ عَنْ مَبْلَغِ الأجَلِ في خَلْقِ اللَّهِ الأرْضَ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: سَواءً لِلسّائِلِينَ في أقْواتِهِمْ وأرْزاقِهِمْ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ثُمَّ اسْتَوى إلى السَّماءِ وهي دُخانٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ: (p-١٧٢)أحَدُهُما: عَمَدَ إلى السَّماءِ، قالَهُ ابْنُ عِيسى.
الثّانِي: اسْتَوى أمْرُهُ إلى السَّماءِ، قالَهُ الحَسَنُ.
﴿فَقالَ لَها ولِلأرْضِ ائْتِيا طَوْعًا أوْ كَرْهًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ قالَ ذَلِكَ قَبْلَ خَلْقِها، ويَكُونُ مَعْنى ائْتِيا أيْ كُونا فَكانَتا كَما قالَ تَعالى ﴿إنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إذا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
الثّانِي: قَوْلُ الجُمْهُورِ أنَّهُ قالَ ذَلِكَ لَهُما بَعْدَ خَلْقِهِما.
فَعَلى هَذا يَكُونُ في مَعْناها أرْبَعُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: مَعْناهُ أُعْطِيا الطّاعَةَ في السَّيْرِ المُقَدَّرِ لَكُما طَوْعًا أوْ كَرْهًا أيِ اخْتِيارًا أوْ إجْبارًا قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
الثّانِي: ائْتِيا عِبادَتِي ومَعْرِفَتِي طَوْعًا أوْ كَرْهًا بِاخْتِيارٍ أوْ غَيْرِ اخْتِيارٍ.
الثّالِثُ: ائْتِيا بِما فِيكُما طَوْعًا أوْ كَرْهًا، حَكاهُ النَّقّاشُ.
الرّابِعُ: كُونا كَما أمَرْتُ مِن شِدَّةٍ ولِينٍ، وحَزَنٍ وسَهْلٍ ومَنِيعٍ ومُمْكِنٍ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
وَفِي قَوْلِهِ ﴿لَها﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ قَوْلٌ تَكَلَّمَ بِهِ.
الثّانِي: أنَّها قُدْرَةٌ مِنهُ ظَهَرَتْ لَهُما فَقامَ مَقامَ الكَلامِ في بُلُوغِ المُرادِ ﴿قالَتا أتَيْنا طائِعِينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: مَعْناهُ أعْطَيْنا الطّاعَةَ، رَواهُ طاوُسٌ.
الثّانِي: أتَيْنا بِما فِينا.
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أتَتِ السَّماءُ بِما فِيها مِنَ الشَّمْسِ والقَمَرِ والنُّجُومِ، وأتَتِ الأرْضُ بِما فِيها مِنَ الأشْجارِ والأنْهارِ والثِّمارِ.
الثّالِثُ: مَعْناهُ كَما أرادَ اللَّهُ أنْ نَكُونَ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
وَفي قَوْلِهِما وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ ظُهُورُ الطّاعَةِ مِنهُما قائِمٌ مَقامَ قَوْلِهِما.
(p-١٧٣)الثّانِي: أنَّهُما تَكَلَّمَتا بِذَلِكَ.
قالَ أبُو النَّصْرِ السَّكْسَكِيُّ: فَنَطَقَ مِنَ الأرْضِ مَوْضِعُ الكَعْبَةِ ونَطَقَ مِنَ السَّماءِ ما بِحِيالِها فَوَضَعَ اللَّهُ فِيها حَرَمَهُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ في يَوْمَيْنِ﴾ أيْ خَلَقَهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ في يَوْمَيْنِ، قِيلَ يَوْمَ الخَمِيسِ والجُمُعَةِ، قالَ السُّدِّيُّ: سُمِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لِأنَّهُ جُمِعَ فِيهِ خَلْقُ السَّماواتِ وخَلْقُ الأرَضِينَ.
وَقالَتْ طائِفَةٌ: خَلَقَ السَّماواتِ قَبْلَ الأرَضِينَ في يَوْمِ الأحَدِ والِاثْنَيْنِ، وخَلَقَ الأرَضِينَ والجِبالَ في يَوْمِ الثُّلاثاءِ والأرْبِعاءِ، وخَلَقَ ما سِواهُما مِنَ العالَمِ يَوْمَ الخَمِيسِ والجُمُعَةِ، وقالَتْ طائِفَةٌ ثالِثَةٌ أنَّهُ خَلَقَ السَّماءَ دُخانًا قَبْلَ الأرْضِ ثُمَّ فَتَقَها سَبْعَ سَماواتٍ بَعْدَ الأرَضِينَ واللَّهُ أعْلَمُ بِما فَعَلَ فَقَدِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الأقاوِيلُ ولَيْسَ لِلِاجْتِهادِ فِيهِ مَدْخَلٌ.
﴿وَأوْحى في كُلِّ سَماءٍ أمْرَها﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مَعْناهُ أسْكَنَ في كُلِّ سَماءٍ مَلائِكَتَها، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
الثّانِي: خَلَقَ في كُلِّ سَماءٍ خَلْقَها خَلَقَ فِيها شَمْسَها وقَمَرَها ونُجُومَها وصَلاحَها، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: أوْحى إلى أهْلِ كُلِّ سَماءٍ مِنَ المَلائِكَةِ ما أمَرَهم بِهِ مِنَ العِبادَةِ، حَكاهُ ابْنُ عِيسى.
﴿وَزَيَّنّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وحِفْظًا﴾ أيْ جَعَلْناها زِينَةً وحِفْظًا.
{"ayahs_start":9,"ayahs":["۞ قُلۡ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِی یَوۡمَیۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥۤ أَندَادࣰاۚ ذَ ٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","وَجَعَلَ فِیهَا رَوَ ٰسِیَ مِن فَوۡقِهَا وَبَـٰرَكَ فِیهَا وَقَدَّرَ فِیهَاۤ أَقۡوَ ٰتَهَا فِیۤ أَرۡبَعَةِ أَیَّامࣲ سَوَاۤءࣰ لِّلسَّاۤىِٕلِینَ","ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰۤ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ وَهِیَ دُخَانࣱ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِیَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهࣰا قَالَتَاۤ أَتَیۡنَا طَاۤىِٕعِینَ","فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَـٰوَاتࣲ فِی یَوۡمَیۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِی كُلِّ سَمَاۤءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِمَصَـٰبِیحَ وَحِفۡظࣰاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"],"ayah":"فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَـٰوَاتࣲ فِی یَوۡمَیۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِی كُلِّ سَمَاۤءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِمَصَـٰبِیحَ وَحِفۡظࣰاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق