الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لا جَرَمَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مَعْناهُ: لا بُدَّ، قالَهُ المُفَضَّلُ. (p-١٥٨)الثّانِي: مَعْناهُ: لَقَدْ حَقَّ واسْتَحَقَّ، قالَهُ المُبَرِّدُ. الثّالِثُ: أنَّهُ لا يَكُونُ إلّا جَوابًا كَقَوْلِ القائِلِ: فَعَلُوا كَذا، فَيَقُولُ المُجِيبُ: لا جَرَمَ أنَّهم سَيَنْدَمُونَ، قالَهُ الخَلِيلُ. ﴿أنَّما تَدْعُونَنِي إلَيْهِ﴾ أيْ مِن عِبادَةِ ما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ. ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ في الدُّنْيا ولا في الآخِرَةِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: لا يَسْتَجِيبُ لِأحَدٍ في الدُّنْيا ولا في الآخِرَةِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: لا يَنْفَعُ ولا يَضُرُّ في الدُّنْيا ولا في الآخِرَةِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: لَيْسَ لَهُ شَفاعَةٌ في الدُّنْيا ولا في الآخِرَةِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ. ﴿وَأنَّ مَرَدَّنا إلى اللَّهِ﴾ أيْ مَرْجِعَنا بَعْدَ المَوْتِ إلى اللَّهِ لِيُجازِينا عَلى أفْعالِنا. ﴿وَأنَّ المُسْرِفِينَ هم أصْحابُ النّارِ﴾ فِيهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي المُشْرِكِينَ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: يَعْنِي السَّفّاكِينَ لِلدِّماءِ بِغَيْرِ حَقٍّ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ، وقالَ مُجاهِدٌ: سَمّى اللَّهُ القَتْلَ سَرَفًا. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ ما أقُولُ لَكُمْ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي في الآخِرَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّانِي: عِنْدَ نُزُولِ العَذابِ بِهِمْ، قالَهُ النَّقّاشُ. ﴿وَأُفَوِّضُ أمْرِي إلى اللَّهِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مَعْناهُ: وأُسَلِّمُ أمْرِي إلى اللَّهِ، قالَهُ ابْنُ عِيسى. الثّانِي: أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ اللَّهَ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. الثّالِثُ: أتَوَكَّلُ عَلى اللَّهِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ. ﴿إنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالعِبادِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: بِأعْمالِ العِبادِ. الثّانِي: بِمَصِيرِ العِبادِ. وَفي قائِلِ هَذا قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مِن قَوْلِ مُوسى. الثّانِي: مِن قَوْلِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، فَعَلى هَذا يَصِيرُ بِهَذا القَوْلِ مُظْهِرًا لِإيمانِهِ. (p-١٥٩)قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ مُوسى وقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا، فَعَلى هَذا فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ نَجّاهُ اللَّهُ مَعَ مُوسى حَتّى عَبَرَ البَحْرَ وأغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ، قالَهُ قَتادَةُ، وقِيلَ إنَّ آلَ فِرْعَوْنَ هو فِرْعَوْنُ وحْدَهُ ومِنهُ قَوْلُ أراكَةَ الثَّقَفِيِّ: ؎ لا تَبْكِ مَيْتًا بَعْدَ مَوْتِ أحِبَّةٍ عَلِيٍّ وعَبّاسٍ وآلِ أبِي بَكْرٍ يُرِيدُ أبا بَكْرٍ. الثّانِي: أنَّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ خَرَجَ مِن عِنْدِهِ هارِبًا إلى جَبَلٍ يُصَلِّي فِيهِ، فَأرْسَلَ في طَلَبِهِ، فَجاءَ الرُّسُلُ وهو في صَلاتِهِ وقَدْ ذُبَّتْ عَنْهُ السِّباعُ والوُحُوشُ أنْ يَصِلُوا إلَيْهِ، فَعادُوا إلى فِرْعَوْنَ فَأخْبَرُوهُ فَقَتَلَهم فَهو مَعْنى قَوْلِهِ ﴿فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا﴾ ﴿وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذابِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهم قَوْمُهُ، وسُوءُ العَذابِ هو الغَرَقُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: رُسُلُهُ الَّذِينَ قَتَلَهم، وسُوءُ العَذابِ هو القَتْلُ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِمْ مَقاعِدُهم مِنَ النّارِ غُدْوَةً وعَشِيَّةً، فَيُقالُ: لِآلِ فِرْعَوْنَ هَذِهِ مَنازِلُكم، تَوْبِيخًا، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: أنَّ أرْواحَهم في أجْوافِ طَيْرٍ سُودٍ تَغْدُو عَلى جَهَنَّمَ وتَرُوحُ فَذَلِكَ عَرْضُها، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. الثّالِثُ: أنَّهم يُعَذَّبُونَ بِالنّارِ في قَبْرِهِمْ غُدُوًّا وعَشِيًّا، وهَذا لِآلِ فِرْعَوْنَ خُصُوصًا. قالَ مُجاهِدٌ: ما كانَتِ الدُّنْيا. ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ﴾ وقِيامُها وُجُودُ صِفَتِها عَلى اسْتِقامَةٍ، ومِنهُ قِيامُ السُّوقِ وهو حُضُورُ أهْلِها عَلى اسْتِقامَةٍ في وقْتِ العادَةِ. ﴿أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ﴾ لِأنَّ عَذابَ جَهَنَّمَ مُخْتَلِفٌ. وَجَعَلَ الفَرّاءُ في الكَلامِ تَقْدِيمًا وتَأْخِيرًا وتَقْدِيرُهُ: أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ النّارَ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا، وهو خِلافُ ما ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنِ انْتِظامِ الكَلامِ عَلى سِياقِهِ.(p-١٦٠)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب