الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نارًا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿لِيَذُوقُوا العَذابَ﴾ فَإنْ قِيلَ: وكَيْفَ يَجُوزُ أنْ يُبَدَّلُوا جُلُودًا غَيْرَ جُلُودِهِمُ الَّتِي كانَتْ لَهم في الدُّنْيا فَيُعَذَّبُوا فِيها؟ ولَوْ جازَ ذَلِكَ لَجازَ أنْ يُبَدَّلُوا أجْسامًا، وأرْواحًا، غَيْرَ أجْسامِهِمْ وأرْواحِهِمُ الَّتِي كانَتْ في الدُّنْيا، ولَوْ جازَ ذَلِكَ لَجازَ أنْ يَكُونَ المُعَذَّبُونَ في الآخِرَةِ بِالنّارِ غَيْرَ الَّذِينَ وعَدَهُمُ اللَّهُ في الدُّنْيا عَلى كُفْرِهِمْ بِالعَذابِ بِالنّارِ. وَقَدْ أجابَ أهْلُ العِلْمِ عَنْهُ بِثَلاثَةِ أجْوِبَةٍ: أحَدُها: أنَّ ألَمَ العَذابِ إنَّما يَصِلُ إلى الإنْسانِ الَّذِي هو غَيَّرَ الجِلْدَ واللَّحْمَ، وإنَّما يُحْرَقُ الجِلْدُ لِيَصِلَ إلى الإنْسانِ ألَمُ العَذابِ، فَأمّا الجِلْدُ واللَّحْمُ فَلا يَأْلَمانِ فَسَواءٌ أُعِيدَ عَلى الكافِرِ جِلْدُهُ الَّذِي كانَ عَلَيْهِ وجِلْدٌ غَيْرُهُ. والجَوابُ الثّانِي: أنَّهُ تُعادُ تِلْكَ الجُلُودُ الأُولى جَدِيدَةً [غَيْرَ] مُحْتَرِقَةٍ. (p-٤٩٨) والجَوابُ الثّالِثُ: أنَّ الجُلُودَ المُعادَةَ إنَّما هي سَرابِيلُهم مِن قَبْلِ أنْ جُعِلَتْ لَهم لِباسًا، فَسَمّاها اللَّهُ جُلُودًا، وأنْكَرَ قائِلٌ هَذا القَوْلَ أنْ تَكُونَ الجُلُودُ تَحْتَرِقُ وتُعادُ غَيْرَ مُحْتَرِقَةٍ، لِأنَّ في حالِ احْتِراقِها إلى حالِ إعادَتِها فَناءَها، وفي فَنائِها راحَتُها، وقَدْ أخْبَرَ اللَّهُ تَعالى: أنَّهم لا يَمُوتُونَ ولا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب