الباحث القرآني

﴿وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكم عَلى بَعْضٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:أحَدُهُما: هو قَوْلُ الإنْسانِ: لَيْتَ ما لِفُلانٍ لِي، ويَجُوزُ أنْ يَقُولَ: لَيْتَ مِثْلَهُ (p-٤٧٧) لِي، ومَن قالَ بِهَذا اخْتَلَفُوا في النَّهْيِ: هَلْ هو تَحْرِيمٌ أمْ أدَبٌ، فَقالَ الفَرّاءُ هو أدَبٌ، وقالَ غَيْرُهُ: هو تَحْرِيمٌ. والقَوْلُ الثّانِي: وهو الأشْهَرُ - أنَّها نَزَلَتْ في نِساءٍ تَمَنَّيْنَ كالرِّجالِ في فَضْلِهِمْ ومالِهِمْ، فَرَوى عِكْرِمَةُ أنَّها نَزَلَتْ في أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، ورَوى ابْنُ أبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجاهِدٍ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ، تَغْزُو الرِّجالُ ولا نَغْزُو، وإنَّما لَنا نِصْفُ المِيراثِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكم عَلى بَعْضٍ﴾» ﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا ولِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ﴾ مِنَ الثَّوابِ عَلى طاعَةِ اللَّهِ والعِقابِ عَلى مَعْصِيَتِهِ، ولِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِثْلُ ذَلِكَ، لِيَعْنِيَ أنَّ لِلْمَرْأةِ بِالحَسَنَةِ عَشْرُ أمْثالِها كالرَّجُلِ، وهو قَوْلُ قَتادَةَ. والثّانِي: أنَّ مَعْنى ذَلِكَ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا مِن مِيراثِ مَوْتاهُمْ، ولِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِنهُ، لِأنَّ أهْلَ الجاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُونُوا يُوَرِّثُونَ النِّساءَ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. ﴿واسْألُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: (p-٤٧٨) أحَدُهُما: إنِ احْتَجْتُمْ إلى مالِ غَيْرِكم فاسْألُوا اللَّهَ أنْ يُعْطِيَكم مِثْلَ ذَلِكَ مِن فَضْلِهِ ولا تَتَمَنَّوْا مالَ غَيْرِكم. والثّانِي: العِبادَةُ الَّتِي تَكْتَسِبُ الثَّوابَ في الآخِرَةِ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «اسْألُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ فَإنَّهُ يُحِبُّ أنْ يُسْألَ وإنَّ أفْضَلَ العِبادَةِ انْتِظارُ الفَرَجِ» ". ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ أنَّهُ قَسَّمَ الأرْزاقَ عَلى ما عَلِمَ وشاءَ فَيَنْبَغِي أنْ تَرْضَوْا بِما قَسَّمَ وتَسْألُوهُ مِن فَضْلِهِ غَيْرَ مُتَأسِّفِينَ لِغَيْرِكم في عَطِيَّةٍ. والنَّهْيُ تَحْرِيمٌ عِنْدَ أكْثَرِ العُلَماءِ، لِأنَّهُ لَيْسَ لِأحَدٍ أنْ يَقُولَ: لَيْتَ مالَ فُلانٍ مالِي، وإنَّما يَقُولُ: لَيْتَ مِثْلَهُ لِي.(p-٤٧٩)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب