الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكم طَوْلا أنْ يَنْكِحَ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ فَمِن ما مَلَكَتْ أيْمانُكم مِن فَتَياتِكُمُ المُؤْمِناتِ﴾ في الطَّوْلِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّهُ الغِنى والسَّعَةُ المُوصِلُ إلى نِكاحِ الحُرَّةِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ، ومُجاهِدٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، والسُّدِّيِّ، وابْنِ زَيْدٍ، والشّافِعِيِّ، ومالِكٍ. والقَوْلُ الثّانِي: هو أنْ تَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ. والقَوْلُ الثّالِثُ: هو الهَوى وهو أنْ يَهْوى أمَةً فَيَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَها، إنْ كانَ ذا يَسارٍ وكانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وهَذا قَوْلُجابِرٍ، وابْنِ مَسْعُودٍ، والشَّعْبِيِّ، ورَبِيعَةَ، وعَطاءٍ. وَأصْلُ الطَّوْلِ الفَضْلُ والسَّعَةُ، لِأنَّ المَعْنى كالطَّوْلِ في أنَّهُ يَنالُ بِهِ مَعالِيَ الأُمُورِ، ومِنهُ قَوْلُهُمْ: لَيْسَ فِيهِ طائِلٌ أيْ لا يُنالُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الفَوائِدِ، فَكانَ هو الأصَحَّ مِن تَأْوِيلاتِهِ. واخْتُلِفَ في إيمانِ الأمَةِ هَلْ هو شَرْطٌ في نِكاحِها عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ؟ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهُ شَرْطٌ لا يَجُوزُ نِكاحُ الأمَةِ إلّا بِهِ، وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ. والثّانِي: أنَّهُ نَدْبٌ ولَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإنْ تَزَوَّجَ غَيْرَ المُؤْمِنَةِ جازَ، وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ. (p-٤٧٣) قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ﴾ يَعْنِي بِالمُسافِحَةِ: المُعْلِنَةَ بِالزِّنى. ﴿وَلا مُتَّخِذاتِ أخْدانٍ﴾ هو أنْ تَتَّخِذَ المَرْأةُ خِدْنًا وصَدِيقًا ولا تَزْنِيَ بِغَيْرِهِ، وقَدْ كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ ما ظَهَرَ مِنَ الزِّنى، ويَسْتَحِلُّونَ ما بَطَنَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ﴾ ﴿فَإذا أُحْصِنَّ﴾ قَرَأ بِفَتْحِ الألِفِ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ، ومَعْنى ذَلِكَ أسْلَمْنَ، فَيَكُونُ إحْصانُها هَهُنا إسْلامَها، وهَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والشَّعْبِيِّ، ورَوى الزُّهْرِيُّ قالَ: جَلَدَ عُمَرُ ولائِدَ أبْكارًا مِن ولائِدِ الإمارَةِ في الزِّنى. وَقَرَأ الباقُونَ بِضَمِّ الألِفِ، ومَعْنى ذَلِكَ تَزَوَّجْنَ، فَيَكُونُ إحْصانُها هَهُنا تَزْوِيجَها، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، والحَسَنِ. ﴿فَإنْ أتَيْنَ بِفاحِشَةٍ﴾ يَعْنِي بِها هَهُنا الزِّنى. ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلى المُحْصَناتِ مِنَ العَذابِ﴾ يَعْنِي نِصْفَ حَدِّ الحُرَّةِ. ﴿ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ العَنَتَ مِنكُمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: الزِّنى، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، والضَّحّاكِ، وابْنِ زَيْدٍ، وبِهِ قالَ الشّافِعِيُّ. والثّانِي: أنَّ العَنَتَ الإثْمُ. والثّالِثُ: أنَّهُ الحَدُّ الَّذِي يُصِيبُهُ. والرّابِعُ: هو الضَّرَرُ الشَّدِيدُ في دِينٍ أوْ دُنْيا. وَهو نَحْوُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَدُّوا ما عَنِتُّمْ﴾ [آلِ عِمْرانَ: ١١٨ .] ﴿وَأنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ يَعْنِي الصَّبْرَ عَنْ نِكاحِ الأمَةِ لِئَلّا يَكُونَ ولَدُهُ عَبْدًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب