الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكم أُمَّهاتُكُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿إلا ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ يَعْنِي ذَواتَ الأزْواجِ إلّا ما مَلَكَتْ أيْمانُكم بِالسَّبْيِ، وهَذا قَوْلُ عَلِيٍّ، وابْنِ عَبّاسٍ، وأبِي قِلابَةَ، والزُّهْرِيِّ، ومَكْحُولٍ، وابْنِ زَيْدٍ.
وَقَدْ رَوى عُثْمانُ البَتِّيُّ عَنْ أبِي خَلِيلٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «لَما سَبى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أهْلَ أوْطاسَ، قُلْنا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ نَقَعُ عَلى نِساءٍ قَدْ عَرَفْنا أنْسابَهُنَّ وأزْواجَهُنَّ؟ قالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إلا ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ والثّانِي: أنَّ المُحْصَناتِ ذَواتُ الأزْواجِ حَرامٌ عَلى غَيْرِ أزْواجِهِنَّ إلّا ما (p-٤٧٠)
مَلَكَتْ أيْمانُكم مِنَ الإماءِ، إذا اشْتَراها مُشْتَرٍ بَطَلَ نِكاحُها وحَلَّتْ لِمُشْتَرِيها ويَكُونُ بَيْعُها طَلاقَها، وهَذا قَوْلُابْنِ مَسْعُودٍ، وأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وجابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وأنَسِ بْنِ مالِكٍ، وابْنِ عَبّاسٍ في رِوايَةِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ وسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، والحَسَنِ، قالَ الحَسَنُ: طَلاقُ الأمَةِ يُثْبِتُ نَسَبَها، وبَيْعَها، وعِتْقَها، وهِبَتَها، ومِيراثَها، وطَلاقَ زَوْجِها.
الثّالِثُ: أنَّ المُحْصَناتِ مِنَ النِّساءِ العَفائِفُ إلّا ما مَلَكَتْ أيْمانُكم بِعَقْدِ النِّكاحِ، أوْ مِلْكِ اليَمِينِ، وهَذا قَوْلُ عُمَرَ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وأبِي العالِيَةِ، وعَبِيدَةَ السَّلْمانِيِّ، وعَطاءٍ، والسُّدِّيِّ.
والرّابِعُ: أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في نِساءٍ كُنَّ هاجَرْنَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولَهُنَّ أزْواجٌ، فَتَزَوَّجَهُنَّ المُسْلِمُونَ، ثُمَّ قَدِمَ أزْواجُهُنَّ مُهاجِرِينَ، فَنُهِيَ المُسْلِمُونَ عَنْ نِكاحِهِنَّ، وهَذا قَوْلُ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ.
وَأصْلُ الإحْصانِ المَنعُ، ومِنهُ حِصْنُ البَلَدِ، لِأنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ العَدُوِّ، ودِرْعٌ حَصِينَةٌ أيْ مَنِيعَةٌ، وفَرَسٌ حِصانٌ، لِأنَّ صاحِبَهُ يَمْتَنِعُ بِهِ مِنَ الهَلَكَةِ، وامْرَأةٌ حَصانٌ، وهي العَفِيفَةُ لِأنَّها تَمْتَنِعُ مِنَ الفاحِشَةِ، ومِنهُ ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أحْصَنَتْ فَرْجَها﴾ [التَّحْرِيمِ: ١٢]. ﴿كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ مَعْناهُ: حُرِّمَ ذَلِكَ عَلَيْكم كِتابًا مِنَ اللَّهِ.
والثّانِي: مَعْناهُ الزَمُوا كِتابَ اللَّهِ.
والثّالِثُ: أنَّ كِتابَ اللَّهِ قَيِّمٌ عَلَيْكم فِيما تَسْتَحِلُّونَهُ وتُحَرِّمُونَهُ.
﴿وَأُحِلَّ لَكم ما وراءَ ذَلِكُمْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ مَعْناهُ ما دُونَ الخُمُسِ، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ.
والثّانِي: ما وراءَ ذَواتِ المَحارِمِ مِن أقارِبِكم، وهو قَوْلُ عَطاءٍ.
والثّالِثُ: ما وراءَ ذَلِكم مِمّا مَلَكَتْ أيْمانُكم، وهو قَوْلُ قَتادَةَ.
﴿أنْ تَبْتَغُوا بِأمْوالِكُمْ﴾ يَعْنِي أنْ تَلْتَمِسُوا بِأمْوالِكم إمّا شِراءً بِثَمَنٍ، أوْ نِكاحًا بِصَداقٍ. (p-٤٧١)
﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ﴾ يَعْنِي مُتَناكِحِينَ غَيْرَ زانِينَ، وأصْلُ السِّفاحِ صَبُّ الماءِ، ومِنهُ سَفَحَ الدَّمْعَ إذا صَبَّهُ، وسَفْحُ الجَبَلِ أسْفَلُهُ لِأنَّهُ مَصَبُّ الماءِ فِيهِ، وسِفاحُ الزِّنى لِصَبِّ مائِهِ حَرامًا.
﴿فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أيْ آتُوهُنَّ صَدُقاتِهِنَّ مَعْلُومَةً، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ، والحَسَنِ، وأحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها المُتْعَةُ إلى أجَلٍ مُسَمًّى مِن غَيْرِ نِكاحٍ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ كانَ في قِراءَةِ أُبَيٍّ: فَمًا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ إلى أجَلٍ مُسَمّى، وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ كَذَلِكَ يَقْرَأُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ، وقالَ الحَكَمُ: قالَ عَلِيٌّ: لَوْلا أنَّ عُمَرَ نَهى عَنِ المُتْعَةِ ما زَنى إلّا شَقِيٌّ، وهَذا لا يَثْبُتُ، والمَحْكِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ خِلافُهُ، وأنَّهُ تابَ مِنَ المُتْعَةِ ورِبا النَّقْدِ.
﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكم فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: مَعْناهُ لا حَرَجَ عَلَيْكم أيُّها الأزْواجُ إنْ أُعْسِرْتُمْ بَعْدَ أنْ فَرَضْتُمْ لِنِسائِكم مَهْرًا عَنْ تَراضٍ أنْ يَنْقُصْنَكم مِنهُ ويَتْرُكْنَكم، وهَذا قَوْلُ سُلَيْمانَ بْنِ المُعْتَمِرِ.
والثّانِي: لا جُناحَ عَلَيْكم أيُّها النّاسُ فِيما تَراضَيْتُمْ أنْتُمْ والنِّساءُ اللَّواتِي اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِنَّ إلى أجَلٍ مُسَمًّى، إذا انْقَضى الأجَلُ بَيْنَكم أنْ يَزِدْنَكم في الأجَلِ وتَزِيدُوهُنَّ في الأجْرِ قَبْلَ أنْ يَسْتَبْرِئْنَ أرْحامَهُنَّ، وهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ.
والثّالِثُ: لا جُناحَ عَلَيْكم فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ ودَفَعْتُمُوهُ أنْ يَعُودَ إلَيْكم عَنْ تَراضٍ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: كانَ عَلِيمًا بِالأشْياءِ قَبْلَ خَلْقِها، حَكِيمًا في تَقْدِيرِهِ وتَدْبِيرِهِ لَها، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ.
والثّانِي: أنَّ القَوْمَ شاهَدُوا عِلْمًا وحِكْمَةً فَقِيلَ لَهُمْ: إنْ كانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلْ، وهَذا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ.
والثّالِثُ: أنَّ الخَبَرَ عَنِ الماضِي يَقُومُ مَقامَ الخَبَرِ عَنِ المُسْتَقْبَلِ وهَذا مَذْهَبُ الكُوفِيِّينَ.(p-٤٧٢)
{"ayahs_start":23,"ayahs":["حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمۡ أُمَّهَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَ ٰتُكُمۡ وَعَمَّـٰتُكُمۡ وَخَـٰلَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ وَأُمَّهَـٰتُكُمُ ٱلَّـٰتِیۤ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَ ٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَـٰعَةِ وَأُمَّهَـٰتُ نِسَاۤىِٕكُمۡ وَرَبَـٰۤىِٕبُكُمُ ٱلَّـٰتِی فِی حُجُورِكُم مِّن نِّسَاۤىِٕكُمُ ٱلَّـٰتِی دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُوا۟ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ وَحَلَـٰۤىِٕلُ أَبۡنَاۤىِٕكُمُ ٱلَّذِینَ مِنۡ أَصۡلَـٰبِكُمۡ وَأَن تَجۡمَعُوا۟ بَیۡنَ ٱلۡأُخۡتَیۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا","۞ وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡۖ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاۤءَ ذَ ٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِكُم مُّحۡصِنِینَ غَیۡرَ مُسَـٰفِحِینَۚ فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَةࣰۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِیمَا تَرَ ٰضَیۡتُم بِهِۦ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡفَرِیضَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"],"ayah":"حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمۡ أُمَّهَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَ ٰتُكُمۡ وَعَمَّـٰتُكُمۡ وَخَـٰلَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ وَأُمَّهَـٰتُكُمُ ٱلَّـٰتِیۤ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَ ٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَـٰعَةِ وَأُمَّهَـٰتُ نِسَاۤىِٕكُمۡ وَرَبَـٰۤىِٕبُكُمُ ٱلَّـٰتِی فِی حُجُورِكُم مِّن نِّسَاۤىِٕكُمُ ٱلَّـٰتِی دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُوا۟ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ وَحَلَـٰۤىِٕلُ أَبۡنَاۤىِٕكُمُ ٱلَّذِینَ مِنۡ أَصۡلَـٰبِكُمۡ وَأَن تَجۡمَعُوا۟ بَیۡنَ ٱلۡأُخۡتَیۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق