الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها مَحْجُوبَةٌ عَنْ فَهْمِ الإعْجازِ ودَلائِلِ التَّصْدِيقِ، كالمَحْجُوبِ في غُلافَةٍ، وهَذا قَوْلُ بَعْضِ البَصْرِيِّينَ.
والثّانِي: يَعْنِي أنَّها أوْعِيَةٌ لِلْعِلْمِ وهي لا تَفْهَمُ احْتِجاجَكَ ولا تَعْرِفُ إعْجازَكَ، وهَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنهم عَلى التَّأْوِيلِ الأوَّلِ إعْراضًا، وعَلى التَّأْوِيلِ الثّانِي إبْطالًا.
﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ جَعَلَ فِيها عَلامَةً تَدُلُّ المَلائِكَةَ عَلى كُفْرِهِمْ كَعَلامَةِ المَطْبُوعِ، وهو قَوْلُ بَعْضِ البَصْرِيِّينَ.
الثّانِي: ذَمَّهم بِأنَّ قُلُوبَهم كالمَطْبُوعِ عَلَيْها الَّتِي لا تَفْهَمُ أبَدًا ولا تُطِيعُ مُرْشِدًا، وهَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ.
﴿فَلا يُؤْمِنُونَ إلا قَلِيلا﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: (p-٥٤٣)
أحَدُهُما: أنَّ القَلِيلَ مِنهم يُؤْمِنُ بِاللَّهِ.
الثّانِي: لا يُؤْمِنُونَ إلّا بِقَلِيلٍ، وهو إيمانُهم بِبَعْضِ الأنْبِياءِ دُونَ جَمِيعِهِمْ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَقَوْلِهِمْ إنّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ﴾، أمّا قَوْلُهُمْ: ﴿إنّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ فَهو مِن قَوْلِ اليَهُودِ، أخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهم.
أمّا ﴿رَسُولَ اللَّهِ﴾ فَفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مِن قَوْلِ اليَهُودِ بِمَعْنى رَسُولِ اللَّهِ في زَعْمِهِ.
والثّانِي: أنَّهُ مِن قَوْلِ اللَّهِ تَعالى لا عَلى وجْهِ الإخْبارِ عَنْهم، وتَقْدِيرُهُ: الَّذِي هو رَسُولِي.
﴿وَما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّهم كانُوا يَعْرِفُونَهُ فَألْقى شَبَهَهُ عَلى غَيْرِهِ، فَظَنُّوهُ المَسِيحَ فَقَتَلُوهُ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ، وقَتادَةَ، ومُجاهِدٍ، ووَهْبٍ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: أنَّهم ما كانُوا يَعْرِفُونَهُ بِعَيْنِهِ، وإنْ كانَ مَشْهُورًا فِيهِمْ بِالذِّكْرِ، فارْتَشى مِنهم يَهُودِيٌّ ثَلاثِينَ دِرْهَمًا، ودَلَّهم عَلى غَيْرِهِ مُوهِمًا لَهم أنَّهُ المَسِيحُ، فَشُبِّهَ عَلَيْهِمْ.
والثّالِثُ: أنَّهم كانُوا يَعْرِفُونَهُ، فَخافَ رُؤَساؤُهم فِتْنَةَ عَوامِّهِمْ، فَإنَّ اللَّهَ مَنَعَهم عَنْهُ، فَعَمَدُوا إلى غَيْرِهِ، فَقَتَلُوهُ وصَلَبُوهُ، ومَوَّهُوا عَلى العامَّةِ أنَّهُ المَسِيحُ، لِيَزُولَ افْتِتانُهم بِهِ.
﴿وَإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفي شَكٍّ مِنهُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَبْلَ قَتْلِهِ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو إلَهٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: هو ولَدٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: هو ساحِرٌ، فَشَكُّوا ﴿ما لَهم بِهِ مِن عِلْمٍ إلا اتِّباعَ الظَّنِّ﴾ الشَّكُّ الَّذِي حَدَثَ فِيهِمْ بِالِاخْتِلافِ.
والثّانِي: ما لَهم بِحالِهِ مِن عِلْمٍ - هَلْ كانَ رَسُولًا أوْ غَيْرَ رَسُولٍ؟ - إلّا اتِّباعَ الظَّنِّ.
﴿وَما قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: (p-٥٤٤)
أحَدُها: وما قَتَلُوا ظَنَّهم يَقِينًا كَقَوْلِ القائِلِ: ما قَتَلْتُهُ عِلْمًا، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وجُوَيْبِرٍ.
والثّانِي: وما قَتَلُوا أمْرَهُ يَقِينًا أنَّ الرَّجُلَ هو المَسِيحُ أوْ غَيْرُهُ، وهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ.
والثّالِثُ: وما قَتَلُوهُ حَقًّا، وهو قَوْلُ الحَسَنِ.
﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إلَيْهِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ رَفَعَهُ إلى مَوْضِعٍ لا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ أحَدٍ مِنَ العِبادِ، فَصارَ رَفْعُهُ إلى حَيْثُ لا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ العِبادِ رَفْعًا إلَيْهِ، وهَذا قَوْلُ بَعْضِ البَصْرِيِّينَ.
والثّانِي: أنَّهُ رَفَعَهُ إلى السَّماءِ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ مِن أهْلِ الكِتابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: إلّا لَيُؤْمِنَنَّ بِالمَسِيحِ قَبْلَ مَوْتِ المَسِيحِ، إذا نَزَلَ مِنَ السَّماءِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وأبِي مالِكٍ، وقَتادَةَ، وابْنِ زَيْدٍ.
والثّانِي: إلّا لَيُؤْمِنَنَّ بِالمَسِيحِ قَبْلَ مَوْتِ الكِتابِيِّ عِنْدَ المُعايَنَةِ، فَيُؤْمِنُ بِما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الحَقِّ وبِالمَسِيحِ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ، ومُجاهِدٍ، والضَّحّاكِ، وابْنِ سِيرِينَ، وجُوَيْبِرٍ.
والثّالِثُ: إلّا لَيُؤْمِنَنَّ بِمُحَمَّدٍ ﷺ قَبْلَ مَوْتِ الكِتابِيِّ، وهَذا قَوْلُ عِكْرِمَةَ.
﴿وَيَوْمَ القِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ يَعْنِي المَسِيحَ، وفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ يَكُونُ شَهِيدًا بِتَكْذِيبِ مَن كَذَّبَهُ وتَصْدِيقِ مَن صَدَّقَهُ مِن أهْلِ عَصْرِهِ.
والثّانِي: يَكُونُ شَهِيدًا أنَّهُ بَلَّغَ رِسالَةَ رَبِّهِ، وأقَرَّ بِالعُبُودِيَّةِ عَلى نَفْسِهِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ، وابْنِ جُرَيْجٍ.(p-٥٤٥)
{"ayahs_start":155,"ayahs":["فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَـٰقَهُمۡ وَكُفۡرِهِم بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَقَتۡلِهِمُ ٱلۡأَنۢبِیَاۤءَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ وَقَوۡلِهِمۡ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَلۡ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَیۡهَا بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا یُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِیلࣰا","وَبِكُفۡرِهِمۡ وَقَوۡلِهِمۡ عَلَىٰ مَرۡیَمَ بُهۡتَـٰنًا عَظِیمࣰا","وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِیحَ عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِ لَفِی شَكࣲّ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ یَقِینَۢا","بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَیۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا","وَإِن مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ إِلَّا لَیُؤۡمِنَنَّ بِهِۦ قَبۡلَ مَوۡتِهِۦۖ وَیَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكُونُ عَلَیۡهِمۡ شَهِیدࣰا"],"ayah":"فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَـٰقَهُمۡ وَكُفۡرِهِم بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَقَتۡلِهِمُ ٱلۡأَنۢبِیَاۤءَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ وَقَوۡلِهِمۡ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَلۡ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَیۡهَا بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا یُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق