الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُكَ أهْلُ الكِتابِ أنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتابًا مِنَ السَّماءِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ اليَهُودَ سَألُوا مُحَمَّدًا ﷺ، أنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتابًا مِنَ السَّماءِ مَكْتُوبًا، كَما نَزَّلَ عَلى مُوسى الألْواحَ، والتَّوْراةَ مَكْتُوبَةً مِنَ السَّماءِ، وهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ، ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ. والثّانِي: أنَّهم سَألُوهُ نُزُولَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ خاصَّةً، تَحَكُّمًا في طَلَبِ الآياتِ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ، وقَتادَةَ. والثّالِثُ: أنَّهم سَألُوهُ أنْ يُنَزِّلَ عَلى طائِفَةٍ مِن رُؤَسائِهِمْ كِتابًا مِنَ السَّماءِ بِتَصْدِيقِهِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ. ﴿فَقَدْ سَألُوا مُوسى أكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقالُوا أرِنا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ تَعالى بَيَّنَ بِذَلِكَ أنَّ سُؤالَهم لِلْإعْناتِ لا لِلِاسْتِبْصارِ كَما (p-٥٤١) أنَّهم سَألُوا مُوسى أنْ يُرِيَهُمُ اللَّهَ جَهْرَةً، ثُمَّ كَفَرُوا بِعِبادَةِ العِجْلِ. والثّانِي: أنَّهُ بَيَّنَ بِذَلِكَ أنَّهم سَألُوا ما لَيْسَ لَهم، كَما أنَّهم سَألُوا مُوسى مِن ذَلِكَ ما لَيْسَ لَهم. ﴿فَقالُوا أرِنا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم سَألُوهُ رُؤْيَتَهُ جَهْرَةً، أيْ مُعايَنَةً. والثّانِي: أنَّهم قالُوا: جَهْرَةً مِنَ القَوْلِ أرِنا اللَّهَ، فَيَكُونُ عَلى التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. ﴿فَأخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: بِظُلْمِهِمْ لِأنْفُسِهِمْ. والثّانِي: بِظُلْمِهِمْ في سُؤالِهِمْ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ﴾ يَعْنِي: بِالعَهْدِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ تَصْدِيقِهِمْ بِالتَّوْراةِ أنْ يَعْمَلُوا بِما فِيها، فَخالَفُوا بِعِبادَةِ العِجْلِ ونَقَضُوهُ، فَرَفَعَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الطُّورَ، لِيَتُوبُوا، وإلّا سَقَطَ عَلَيْهِمْ فَتابُوا حِينَئِذٍ. ﴿وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا البابَ سُجَّدًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ بابُ المَوْضِعِ الَّذِي عَبَدُوا فِيهِ العِجْلَ، وهو مِن أبْوابِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ. والثّانِي: بابُ حِطَّةٍ فَأُمِرُوا بِدُخُولِهِ ساجِدِينَ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ. ﴿وَقُلْنا لَهم لا تَعْدُوا في السَّبْتِ﴾ قَرَأ ورْشٌ عَنْ نافِعٍ: ( تَعَدُّوا ) بِفَتْحِ العَيْنِ وتَشْدِيدِ الدّالِ، مِنَ الِاعْتِداءِ، وقَرَأ الباقُونَ بِالتَّخْفِيفِ مِن (عَدَوْتَ). وعَدْوُهم فِيهِ تَجاوُزُهم حُقُوقَهُ، فَيَكُونُ تَعَدِّيهِمْ فِيهِ - عَلى تَأْوِيلِ القِراءَةِ الثّانِيَةِ - تَرْكَ واجِباتِهِ. ﴿وَأخَذْنا مِنهم مِيثاقًا غَلِيظًا﴾ وهو مِيثاقٌ آخَرُ بَعْدَ رَفْعِ الطُّورِ عَلَيْهِمْ، غَيْرُ المِيثاقِ الأوَّلِ. وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿غَلِيظًا﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ العَهْدُ بَعْدَ اليَمِينِ. والثّانِي: أنَّ بَعْضَ اليَمِينِ مِيثاقٌ غَلِيظٌ.(p-٥٤٢)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب