الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنِ امْرَأةٌ خافَتْ مِن بَعْلِها نُشُوزًا أوْ إعْراضًا﴾ الآيَةَ اخْتُلِفَ في سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ عَلى قَوْلَيْنِ: (p-٥٣٣) أحَدُهُما: أنَّها نَزَلَتْ في رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ هَمَّ بِطَلاقِ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ فَجَعَلَتْ يَوْمَها لِعائِشَةَ عَلى ألّا يُطَلِّقَها، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِيها. وَهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها عامَّةٌ في كُلِّ امْرَأةٍ خافَتْ مِن بَعْلِها نُشُوزًا أوْ إعْراضًا. والنُّشُوزُ: التَّرَفُّعُ عَنْها لِبُغْضِها، والإعْراضُ: أنْ يَنْصَرِفَ عَنِ المَيْلِ إلَيْها لِمُؤاخَذَةٍ أوْ أثَرَةٍ. ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا﴾ إمّا مِن تَرْكِ مَهْرٍ أوْ إسْقاطِ قَسْمٍ. ﴿والصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي خَيْرًا مِنَ النُّشُوزِ والإعْراضِ، وهو قَوْلُ بَعْضِ البَصْرِيِّينَ. والثّانِي: خَيْرٌ مِنَ الفُرْقَةِ، وهو قَوْلُ الزَّجّاجِ. ﴿وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنْفُسُ النِّساءِ أُحْضِرَتِ الشُّحَّ عَنْ حُقُوقِهِنَّ مِن أزْواجِهِنَّ وأمْوالِهِنَّ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. والثّانِي: أُحْضِرَتْ نَفْسُ كُلِّ واحِدٍ مِنَ الرَّجُلِ والمَرْأةِ الشُّحَّ بِحَقِّهِ قَبْلَ صاحِبِهِ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ﴾ يَعْنِي بِقُلُوبِكم ومَحَبَّتِكم. ﴿وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: ولَوْ حَرَصْتُمْ أنْ تَعْدِلُوا في المَحَبَّةِ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ. والثّانِي: ولَوْ حَرَصْتُمْ في الجِماعِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. ﴿فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ﴾ أيْ فَلا تَمِيلُوا بِأفْعالِكم فَتُتْبِعُوها أهْواءَكم. ﴿فَتَذَرُوها كالمُعَلَّقَةِ﴾ يَعْنِي لا أيِّمًا ولا ذاتَ زَوْجٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِن سَعَتِهِ﴾ يَعْنِي الزَّوْجَيْنِ إنْ تَفَرَّقا بِالطَّلاقِ. (p-٥٣٤) ﴿يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِن سَعَتِهِ﴾ يَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ: أحَدُها: يُغْنِي اللَّهُ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما بِالقَناعَةِ والصَّبْرِ عَنْ صاحِبِهِ، ومَعْنى قَوْلِهِ: ﴿مِن سَعَتِهِ﴾ أيْ مِن رَحْمَتِهِ، لِأنَّهُ واسِعُ الرَّحْمَةِ. والثّانِي: يُغْنِي اللَّهُ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما عَنْ صاحِبِهِ بِمَن هو خَيْرٌ مِنهُ، ومَعْنى قَوْلِهِ: ﴿مِن سَعَتِهِ﴾ أيْ مِن قُدْرَتِهِ لِأنَّهُ واسِعُ القُدْرَةِ. والثّالِثُ: يُغْنِي اللَّهُ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما بِمالٍ يَكُونُ أنْفَعَ لَهُ مِن صاحِبِهِ. وَمَعْنى قَوْلِهِ: ﴿مِن سَعَتِهِ﴾ أيْ مِن غِناهُ لِأنَّهُ واسِعُ الغِنى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب