الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكم طِبْتُمْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: (p-١٣٨)أحَدُها: طِبْتُمْ بِطاعَةِ اللَّهِ قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: طِبْتُمْ بِالعَمَلِ الصّالِحِ، قالَهُ النَّقّاشُ. الثّالِثُ: ما حَكاهُ مُقاتِلٌ أنَّ عَلى بابِ الجَنَّةِ شَجَرَةً يَنْبُعُ مِن ساقِها عَيْنانِ يَشْرَبُ المُؤْمِنُونَ مِن إحْداهُما فَتَطْهُرُ أجْوافُهم فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿وَسَقاهم رَبُّهم شَرابًا طَهُورًا﴾ [الإنْسانِ: ٢١] ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ مِنَ الأُخْرى فَتَطِيبُ أبْشارُهم، فَعِنْدَها يَقُولُ لَهم خَزَنَتُها: ﴿سَلامٌ عَلَيْكم طِبْتُمْ فادْخُلُوها خالِدِينَ﴾ فَإذا دَخَلُوها قالُوا ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ﴾ وَفِي مَعْنى طِبْتُمْ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: نُعِّمْتُمْ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: كُرِّمْتُمْ، قالَهُ ثَعْلَبٌ. الثّالِثُ: زَكَوْتُمْ، قالَهُ الفَرّاءُ وابْنُ عِيسى. ﴿وَقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ﴾ وعْدَهُ في الدُّنْيا بِما نَزَلَ بِهِ القُرْآنُ، وفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ وعْدُهُ بِالجَنَّةِ في الآخِرَةِ ثَوابًا عَلى الإيمانِ. الثّانِي: أنَّهُ وعْدُهُ في الدُّنْيا بِظُهُورِ دِينِهِ عَلى الأدْيانِ، وفي الآخِرَةِ بِالجَزاءِ عَلى الإيمانِ. ﴿وَأوْرَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ﴾ وفي هَذِهِ الأرْضِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أرْضُ الجَنَّةِ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ وأبُو صالِحٍ وقَتادَةُ والسُّدِّيُّ وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ. الثّانِي: أرْضُ الدُّنْيا. فَإنْ قِيلَ إنَّها أرْضُ الجَنَّةِ فَفي تَسْمِيَتِها مِيراثًا وجْهانِ: أحَدُهُما: لِأنَّها صارَتْ إلَيْهِمْ في آخِرِ الأمْرِ كالمِيراثِ. الثّانِي: لِأنَّهم ورِثُوها مِن أهْلِ النّارِ، وتَكُونُ هَذِهِ الأرْضُ مِن جُمْلَةِ الجَزاءِ والثَّوابِ، والجَنَّةُ في أرْضِها كالبِلادِ في أرْضِ الدُّنْيا لِوُقُوعِ التَّشابُهِ بَيْنَهُما قَضاءً بِالشّاهِدِ عَلى الغائِبِ. ﴿نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ﴾ يَعْنِي مَنازِلَهُمُ الَّتِي جُوزُوا بِها، لِأنَّهم مَصْرُوفُونَ عَنْ إرادَةِ غَيْرِها. (p-١٣٩)وَفِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿حَيْثُ نَشاءُ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: حَيْثُ نَشاءُ مِن مَنزِلَةٍ وعُلُوٍّ. الثّانِي: حَيْثُ نَشاءُ مِن مَنازِلَ ومَنازِهَ، فَإنْ قِيلَ إنَّها أرْضُ الدُّنْيا فَهي مِنَ النِّعَمِ دُونَ الجَزاءِ. وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلُهُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أوْرَثَنا الأرْضَ بِجِهادِنا نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ بِثَوابِنا. الثّانِي: وأوْرَثَنا الأرْضَ بِطاعَةِ أهْلِها لَنا نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ بِطاعَتِنا لَهُ لِأنَّهم أطاعُوا فَأُطِيعُوا. ﴿فَنِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: فَنِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ في الدُّنْيا الجَنَّةُ في الآخِرَةِ. الثّانِي: فَنِعْمَ أجْرُ مَن أطاعَ أنْ يُطاعَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب