الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً في النُّجُومِ﴾ فِيها أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: أنَّهُ رَأى نَجْمًا طالِعًا، فَعَلِمَ بِذَلِكَ أنَّ لَهُ إلَهًا خالِقًا، فَكانَ هَذا نَظَرَهُ في النُّجُومِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ.
الثّانِي: أنَّها كَلِمَةٌ مِن كَلامِ العَرَبِ إذا تَفَكَّرَ الرَّجُلُ في أمْرِهِ قالُوا قَدْ نَظَرَ في النُّجُومِ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ نَظَرَ فِيما نَجَمَ مِن قَوْلِهِمْ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ.
الرّابِعُ: أنَّ عِلْمَ النُّجُومِ كانَ مِنَ النُّبُوَّةِ، فَلَمّا حَبَسَ اللَّهُ تَعالى الشَّمْسَ عَلى يُوشَعِ بْنِ نُونٍ أبْطَلَ ذَلِكَ، فَنَظَرُ إبْراهِيمَ فِيها [كانَ] عِلْمًا نَبَوِيًّا، قالَهُ ابْنُ عائِشَةَ.
وَحَكى جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحّاكِ أنَّ عِلْمَ النُّجُومِ كانَ باقِيًا إلى زَمَنِ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتّى دَخَلُوا عَلَيْهِ في مُوَضْعٍ لا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَقالَتْ لَهم مَرْيَمُ مِن أيْنَ (p-٥٦)عَلِمْتُمْ مَوْضِعَهُ؟ قالُوا: مِنَ النُّجُومِ، فَدَعا رَبَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقالَ: اللَّهُمَّ فَوَهِّمْهم في عِلْمِها فَلا يَعْلَمُ عِلْمَ النُّجُومِ أحَدٌ، فَصارَ حُكْمُها في الشَّرْعِ مَحْظُورًا وعِلْمُها في النّاسِ مَجْهُولًا.
قالَ الكَلْبِيُّ وكانُوا بِقَرْيَةٍ بَيْنَ البَصْرَةِ والكُوفَةِ يُقالُ لَها هُرْمُزْجَرْدُ وكانُوا يَنْظُرُونَ في النُّجُومِ.
﴿فَقالَ إنِّي سَقِيمٌ﴾ فِيهِ سَبْعَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: أنَّهُ اسْتَدَلَّ بِها عَلى وقْتِ حُمّى كانَتْ تَأْتِيهِ.
الثّانِي: سَقِيمٌ بِما في عُنُقِي مِنَ المَوْتِ.
الثّالِثُ: سَقِيمٌ بِما أرى مِن قُبْحِ أفْعالِكم في عِبادَةِ غَيْرِ اللَّهِ.
الرّابِعُ: سَقِيمٌ لِشَكِّهِ.
الخامِسُ: لِعِلْمِهِ بِأنَّ لَهُ إلَهًا خالِقًا مَعْبُودًا، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
السّادِسُ: لِعِلَّةٍ عَرَضَتْ لَهُ.
السّابِعُ: أنَّ مَلِكَهم أرْسَلَ إلَيْهِ أنَّ غَدًا عِيدُنا فاخْرُجْ، فَنَظَرَ إلى نَجْمٍ فَقالَ: إنَّ ذا النَّجْمَ لَمْ يَطْلُعْ قَطُّ إلّا طَلَعَ بِسَقَمِي، فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ، قالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ قالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: كابَدَ نَبِيُّ اللَّهِ عَنْ دِينِهِ فَقالَ إنِّي سَقِيمٌ.
وَقالَ سُفْيانُ: كانُوا يَفِرُّونَ مِنَ المَطْعُونِ فَأرادَ أنْ يَخْلُوَ بِآلِهَتِهِمْ فَقالَ: إنِّي سَقِيمٌ أيْ طَعِينٌ وهَذِهِ خَطِيئَتُهُ الَّتِي قالَ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « (لَمْ يَكْذِبْ إبْراهِيمُ غَيْرَ ثَلاثٍ: ثِنْتَيْنِ في ذاتِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ قَوْلُهُ إنِّي سَقِيمٌ، وقَوْلُهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهم هَذا، وقَوْلُهُ في سارَةَ هي أُخْتِي"» . ﴿فَراغَ إلى آلِهَتِهِمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: (p-٥٧)أحَدُها: ذَهَبَ إلَيْهِمْ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّانِي: مالَ إلَيْهِمْ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: صالَ عَلَيْهِمْ، قالَهُ الأخْفَشُ.
الرّابِعُ: أقْبَلَ عَلَيْهِمْ، قالَهُ الكَلْبِيُّ وقُطْرُبٌ، وهَذا قَرِيبٌ مِنَ المَعْنَيَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ.
﴿فَقالَ ألا تَأْكُلُونَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ قالَ ذَلِكَ اسْتِهْزاءً بِهِمْ، قالَهُ ابْنُ زِيادٍ.
الثّانِي: أنَّهُ وجَدَهم حِينَ خَرَجُوا إلى عِيدِهِمْ قَدْ صَنَعُوا لِآلِهَتِهِمْ طَعامًا لِتُبارِكَ لَهم فِيهِ فَلِذَلِكَ قالَ لِلْأصْنامِ وإنْ كانَتْ لا تَعْقِلُ عَنْهُ الكَلامَ احْتِجاجًا عَلى جَهْلِ مَن عَبَدَها.
وَتَنْبِيهًا عَلى عَجْزِها، ولِذَلِكَ قالَ: ﴿ما لَكم لا تَنْطِقُونَ﴾ ﴿فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِاليَمِينِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: يَدُهُ اليُمْنى.
قالَهُ الضَّحّاكُ، لِأنَّها أقْوى والضَّرْبُ بِها أشَدُّ.
الثّانِي: بِاليَمِينِ الَّتِي حَلَفَها حِينَ قالَ ﴿وَتاللَّهِ لأكِيدَنَّ أصْنامَكُمْ﴾ حَكاهُ ابْنُ عِيسى.
الثّالِثُ: يَعْنِي بِالقُوَّةِ، وقُوَّةُ النُّبُوَّةِ أشَدُّ، قالَهُ ثَعْلَبٌ.
﴿فَأقْبَلُوا إلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ فِيهِ خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: يَخْرُجُونَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: يَسْعَوْنَ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّالِثُ: يَتَسَلَّلُونَ، حَكاهُ ابْنُ عِيسى.
الرّابِعُ: يَرْعِدُونَ غَضَبًا، حَكاهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
الخامِسُ: يَخْتالُونَ وهو مَشْيُ الخُيَلاءِ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، ومِنهُ أخْذُ زِفافِ العَرُوسِ إلى زَوْجِها، وقالَ الفَرَزْدَقُ:
؎ وجاءَ قَرِيعُ الشَّوْلِ قَبْلَ إفالِها يَزِفُّ وجاءَتْ خَلْفَهُ وهي زُفَّفُ
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿واللَّهُ خَلَقَكم وما تَعْمَلُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ خَلَقَكم وخَلَقَ عَمَلَكم.
(p-٥٨)الثّانِي: خَلَقَكم وخَلَقَ الأصْنامَ الَّتِي عَمِلْتُمُوها.
﴿فَأرادُوا بِهِ كَيْدًا﴾ يَعْنِي إحْراقَهُ بِالنّارِ الَّتِي أوْقَدُوها لَهُ.
﴿فَجَعَلْناهُمُ الأسْفَلِينَ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: الأسْفَلِينَ في نارِ جَهَنَّمَ، قالَهُ يَحْيى.
الثّانِي: الأسْفَلِينَ في دَحْضِ الحُجَّةِ، قالَ قَتادَةُ: فَما ناظَرُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتّى أُهْلِكُوا.
الثّالِثُ: يَعْنِي المُهْلَكِينَ فَإنَّ اللَّهَ تَعالى عَقَّبَ ذَلِكَ بِهَلاكِهِمْ.
الرّابِعُ: المَقْهُورِينَ لِخَلاصِ إبْراهِيمَ مِن كَيْدِهِمْ.
قالَ كَعْبٌ: فَما انْتَفَعَ بِالنّارِ يَوْمَئِذٍ أحَدٌ مِنَ النّاسِ وما أحْرَقَتْ مِنهُ يَوْمَئِذٍ إلّا وثاقَهُ.
وَرَوَتْ أُمُّ سُبابَةَ الأنْصارِيَّةُ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَدَّثَها «أنَّ إبْراهِيمَ لَمّا أُلْقِيَ في النّارِ كانَتِ الدَّوابُّ كُلُّها تُطْفِئُ عَنْهُ النّارَ إلّا الوَزَغَةَ فَإنَّها كانَتْ تَنْفُخُ عَلَيْها فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَتْلِها.
»
{"ayahs_start":88,"ayahs":["فَنَظَرَ نَظۡرَةࣰ فِی ٱلنُّجُومِ","فَقَالَ إِنِّی سَقِیمࣱ","فَتَوَلَّوۡا۟ عَنۡهُ مُدۡبِرِینَ","فَرَاغَ إِلَىٰۤ ءَالِهَتِهِمۡ فَقَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ","مَا لَكُمۡ لَا تَنطِقُونَ","فَرَاغَ عَلَیۡهِمۡ ضَرۡبَۢا بِٱلۡیَمِینِ","فَأَقۡبَلُوۤا۟ إِلَیۡهِ یَزِفُّونَ","قَالَ أَتَعۡبُدُونَ مَا تَنۡحِتُونَ","وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ","قَالُوا۟ ٱبۡنُوا۟ لَهُۥ بُنۡیَـٰنࣰا فَأَلۡقُوهُ فِی ٱلۡجَحِیمِ","فَأَرَادُوا۟ بِهِۦ كَیۡدࣰا فَجَعَلۡنَـٰهُمُ ٱلۡأَسۡفَلِینَ"],"ayah":"قَالَ أَتَعۡبُدُونَ مَا تَنۡحِتُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق