الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنّا زَيَّنّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الكَواكِبِ﴾ يَحْتَمِلُ تَخْصِيصُ سَماءِ الدُّنْيا بِالذِّكْرِ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: لِاخْتِصاصِها بِالدُّنْيا. الثّانِي: لِاخْتِصاصِها بِالمُشاهَدَةِ، وقَوْلُهُ "بِزِينَةٍ الكَواكِبِ" لِأنَّ مِنَ الكَواكِبِ ما خُلِقَ لِلزِّينَةِ، ومِنها ما خُلِقَ لِغَيْرِ الزِّينَةِ. حَكى عُقْبَةُ بْنُ زِيادٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: خُلِقَتِ النُّجُومُ لِثَلاثٍ: رُجُومًا لِلشَّياطِينِ ونُورًا يُهْتَدى بِهِ، وزِينَةً لِسَماءِ الدُّنْيا. ﴿وَحِفْظًا مِن كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي مِنَ الكَواكِبِ حِفْظًا مِن كُلِّ شَيْطانٍ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ حَفِظَ السَّماءَ مِن كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ، قالَهُ قَتادَةُ. وَفِي المارِدِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: المُمْتَنِعُ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. الثّانِي: العاتِي مَأْخُوذٌ مِنَ التَّمَرُّدِ وهو العُتُوُّ. الثّالِثُ: أنَّهُ المُتَجَرِّدُ مِنَ الخَيْرِ، مِن قَوْلِهِمْ: شَجَرَةٌ مَرْداءُ، إذا تَجَرَّدَتْ مِنَ الوَرَقِ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لا يَسَّمَّعُونَ إلى المَلإ الأعْلى﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم مُنِعُوا بِها أنْ يَسَّمَّعُوا أوْ يَتَسَمَّعُوا، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: أنَّهم يَتَسَمَّعُونَ ولا يَسْمَعُونَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. وَفِي المَلَإ الأعْلى قَوْلانِ: أحَدُهُما: السَّماءُ الدُّنْيا، قالَهُ قَتادَةُ. (p-٣٩)الثّانِي: المَلائِكَةُ، قالَهُ السُّدِّيُّ. ﴿وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جانِبٍ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: يُرْمَوْنَ مِن كُلِّ مَكانٍ مِن جَوانِبِهِمْ، وقِيلَ مِن جَوانِبِ السَّماءِ. ﴿دُحُورًا﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: قَذْفًا في النّارِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: طَرْدًا بِالشُّهُبِ، وهو مَعْنى قَوْلِ مُجاهِدٍ. قالَ ابْنُ عِيسى: والدُّحُورُ: الدَّفْعُ بِعُنْفٍ. ﴿وَلَهم عَذابٌ واصِبٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: دائِمٌ. الثّانِي: أنَّهُ الَّذِي يَصِلُ وجَعُهُ إلى القُلُوبِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الوَصَبِ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إلا مَن خَطِفَ الخَطْفَةَ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: إلّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، مَأْخُوذٌ مِنَ الِاخْتِطافِ وهو الِاسْتِلابِ بِسُرْعَةٍ، ومِنهُ سُمِّيَ الخُطّافُ. الثّانِي: مِن وثَبَ الوَثْبَةَ، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسى. ﴿فَأتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الشُّعْلَةُ مِنَ النّارِ. الثّانِي: أنَّهُ النَّجْمُ. وَفِي الثّاقِبِ سِتَّةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ الَّذِي يَثْقُبُ، قالَهُ زَيْدٌ الرُّقاشِيُّ. الثّانِي: أنَّهُ المُضِيءُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّالِثُ: أنَّهُ الماضِي، حَكاهُ ابْنُ عِيسى. الرّابِعُ: أنَّهُ العالِي، قالَهُ الفَرّاءُ. الخامِسُ: أنَّهُ المُحْرِقُ، قالَهُ السُّدِّيُّ. السّادِسُ: أنَّهُ المُسْتَوْقِدُ، مِن قَوْلِهِمْ: اثْقُبْ زِنْدَكَ أيِ اسْتَوْقِدْ نارَكَ، قالَهُ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ والأخْفَشُ، وأنْشَدَ قَوْلَ الشّاعِرِ: ؎ بَيْنَما المَرْءُ شِهابٌ ثاقِبٌ ضَرَبَ الدَّهْرُ سَناهُ فَخَمَدَ (p-٤٠)وَ ﴿إلا﴾ هاهُنا بِمَعْنى لَكِنْ عِنْدَ سِيبَوَيْهَ. وَقِيلَ: إنَّ الشِّهابَ يَحْرِقُهم لِيَنْدَفِعُوا عَنِ اسْتِراقِ السَّمْعِ ولا يَمُوتُونَ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب