الباحث القرآني

(p-٥)سُورَةُ يس مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الجَمِيعِ، إلّا ابْنَ عَبّاسٍ وقَتادَةَ؛ فَإنَّهُما قالا إلّاَ آيَةً مِنها وهي قَوْلُهُ: ﴿وَإذا قِيلَ لَهم أنْفِقُوا﴾ [يس: ٤٧] الآيَةَ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يس﴾ فِيهِ خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآنِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ تَعالى أقْسَمَ بِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: أنَّهُ فَواتِحُ مِن كَلامِ اللَّهِ تَعالى افْتَتَحَ بِهِ كَلامَهُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الرّابِعُ: أنَّهُ: يا مُحَمَّدُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَنَفِيَّةِ، ورَوى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إنَّ اللَّهَ تَعالى سَمّانِي في القُرْآنِ بِسَبْعَةِ أسْماءٍ: مُحَمَّدٍ وأحْمَدَ وطَه ويس والمُزَّمِّلِ والمُدَّثِّرِ وعَبْدِ اللَّهِ» . الخامِسُ: أنَّهُ يا إنْسانُ: قالَهُ الحُسْنُ، وعِكْرِمَةُ، والضَّحّاكُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وعِكْرِمَةُ هي بِلُغَةِ الحَبَشَةِ. وَحَكى الكَلْبِيُّ (p-٦)أنَّهُ بِالسُّرْيانِيَّةِ، وقالَ الشَّعْبِيُّ: هو بِلُغَةِ طَيِّئٍ. وَقالَ آخَرُونَ: هي بِلُغَةِ كَلْبٍ. وَيَحْتَمِلُ سادِسًا: يَئِسَ مَن كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ، نَفْيًا لِلْإيمانِ أنْ يَكُونَ إلّا بِالشَّهادَتَيْنِ، واليَأْسُ أبْلَغُ في النَّفْيِ مِن جَمِيعِ ألْفاظِهِ، ثُمَّ أثْبَتَ رِسالَتَهُ بِقَسَمِهِ فَقالَ: ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ ﴿إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ ﴿عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: عَلى شَرِيعَةٍ واضِحَةٍ. الثّانِي: عَلى حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهم قُرَيْشٌ، أُنْذِرُوا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، ولَمْ يُنْذَرْ آباؤُهم مِن قَبْلِهِمْ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: أنَّهُ عامٌّ، ومَعْناهُ لِتُنْذِرَ قَوْمًا كَما أُنْذِرَ آباؤُهم، قالَهُ السُّدِّيُّ. ﴿فَهم غافِلُونَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: عَنْ قَبُولِ الإنْذارِ. الثّانِي: عَنِ اسْتِحْقاقِ العَذابِ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلى أكْثَرِهِمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ لَقَدْ وجَبَ العَذابُ عَلى أكْثَرِهِمْ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: لَقَدْ سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ في أكْثَرِهِمْ، قالَهُ الضَّحّاكُ. وَفِي هَذا القَوْلِ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمْ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الوَعِيدُ الَّذِي أوْجَبَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ مِنَ العَذابِ. الثّانِي: أنَّهُ الإخْبارُ عَنْهم بِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ ولَوْ جاءَتْهم كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا العَذابَ الألِيمَ. ﴿فَهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ يَعْنِي الأكْثَرِيَّةَ الَّذِينَ حَقَّ القَوْلُ عَلَيْهِمْ، وهُمُ الَّذِينَ عانَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِن كُفّارِ قُرَيْشٍ، وأكْثَرُهم لَمْ يُؤْمِنُوا فَكانَ المُخْبَرُ كالخَبَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب