الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿واضْرِبْ لَهم مَثَلا أصْحابَ القَرْيَةِ إذْ جاءَها المُرْسَلُونَ﴾ هَذِهِ القَرْيَةُ هي أنْطاكِيَّةُ مِن قَوْلِ جَمِيعِ المُفَسِّرِينَ. ﴿إذْ أرْسَلْنا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما﴾ اخْتُلِفَ في اسْمَيْهِما عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُما شَمْعُونُ ويُوحَنّا، قالَهُ شُعَيْبٌ. الثّانِي: صادِقٌ وصَدُوقٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وكَعْبُ الأحْبارِ ووَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ. الثّالِثُ: سَمْعانُ ويَحْيى، حَكاهُ النَّقّاشُ. ﴿فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: فَشَدَّدْنا، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: فَزِدْنا، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. الثّالِثُ: قَوَّيْنا مَأْخُوذٌ مِنَ العِزَّةِ وهي القُوَّةُ المَنِيعَةُ، ومِنهُ قَوْلُهُمْ: مَن عَزَّ وبَزَّ. واخْتُلِفَ في اسْمِهِ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: يُونُسُ قالَهُ شُعَيْبٌ. الثّانِي: شُلُومُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وكَعْبٌ ووَهْبٌ. وَكانَ مَلِكُ أنْطاكِيَّةِ أحَدَ الفَراعِنَةِ يَعْبُدُ الأصْنامَ مَعَ أهْلَها، وكانَتْ لَهم ثَلاثَةُ أصْنامٍ يَعْبُدُونَها، ذَكَرَ النَّقّاشُ أنَّ أسْماءَها رُومسَ وقِيلَ وارْطَمِيسَ. واخْتُلِفَ في اسْمِ المَلِكِ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّ اسْمَهُ أنْطِيخُسُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وكَعْبٌ ووَهْبٌ. الثّانِي: انْطَرا، قالَهُ شُعَيْبٌ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ما أنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنا﴾ وهَذا القَوْلُ مِنهم إنْكارٌ لِرِسالَتِهِ، ويَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّكم مِثْلُنا غَيْرُ رُسُلٍ وإنْ جازَ أنْ يَكُونَ البَشَرُ رُسُلًا. (p-١١)الثّانِي: إنَّ مِثْلَكم مِنَ البَشَرِ لا يَجُوزُ أنْ يَكوُنوُا رُسُلًا. ﴿وَما أنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنهم إنْكارًا لِلرَّحْمَنِ أنْ يَكُونَ إلَهًا مُرْسِلًا. الثّانِي: أنْ يَكُونَ ذَلِكَ إنْكارًا أنْ يَكُونُوا لِلرَّحْمَنِ رُسُلًا. ﴿إنْ أنْتُمْ إلا تَكْذِبُونَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: تَكْذِبُونَ في أنَّ لَنا إلَهًا. الثّانِي: تَكْذِبُونَ في أنْ تَكُونُوا رُسُلًا. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إنّا إلَيْكم لَمُرْسَلُونَ﴾ فَإنْ قِيلَ يَعْلَمُ اللَّهُ تَعالى أنَّهم لا تَكُونُ حُجَّةٌ عِنْدَ الكُفّارِ لَهم. قِيلَ: يَحْتَمِلُ قَوْلُهم ذَلِكَ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ رَبُّنا يَعْلَمُ إنّا إلَيْكم لَمُرْسَلُونَ بِما يُظْهِرُهُ لَنا مِنَ المُعْجِزاتِ، وقَدْ قِيلَ: إنَّهم أحْيَوْا مَيْتًا وأبْرَؤُوا زَمِنًا. الثّانِي: أنَّ تَمْكِينَ رَبِّنا لَنا إنَّما هو لِعِلْمِهِ بِصِدْقِنا. واخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ فِيهِمْ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهم كانُوا رُسُلًا مِنَ اللَّهِ تَعالى إلَيْهِمْ. الثّانِي: أنَّهم كانُوا رُسُلَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن جُمْلَةِ الحَوارِيِّينَ أرْسَلَهم إلَيْهِمْ فَجازَ، لِأنَّهم رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ، أنْ يَكُونُوا رُسُلًا لِلَّهِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. ﴿وَما عَلَيْنا إلا البَلاغُ المُبِينُ﴾ يَعْنِي بِالإعْجازِ الدّالِّ عَلى صِحَّةِ الرِّسالَةِ أنَّ الَّذِي عَلى الرُّسُلِ إبْلاغُ الرِّسالَةِ، ولَيْسَ عَلَيْهِمُ الإجابَةُ، وإنَّما الإجابَةُ عَلى المَدْعُوِينَ دُونَ الدّاعِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب