الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ المَوْتَ﴾ الآيَةَ.
رَوى عَطاءُ بْنُ السّائِبِ.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (إنَّ سُلَيْمانَ نَبِيُّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ لا يُصَلِّي صَلاةً إلّا وجَدَ شَجَرَةً ثّابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ لَها: ما اسْمُكِ؟ فَتَقُولُ: كَذا كَذا، فَيَقُولُ لِمَ أنْتِ؟ فَتَقُولُ لِكَذا وكَذا، فَصَلّى يَوْمًا فَإذا شَجَرَةٌ ثابِتَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقالَ لَها ما اسْمُكِ؟ فَقالَتِ: الخَرُّوبُ فَقالَ: لِمَ أنْتِ؟ فَقالَتْ لِخَرابِ هَذا البَيْتِ.
»
(p-٤٤١)فَقالَ سُلَيْمانُ اللَّهُمَّ أغُمَّ عَلى الجِنِّ مَوْتِي حَتّى يَعْلَمَ الإنْسُ أنَّ الجِنَّ كانُوا لا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ، قالَ: فَهَيَّأ عَصًا ثُمَّ تَوَكَّأ عَلَيْها حَوْلًا وهم لا يَعْلَمُونَ، قالَ ثُمَّ أكَلَتْها الأرَضَةُ فَسَقَطَ فَعَلِمُوا عِنْدَ ذَلِكَ مَوْتَهُ فَشَكَرَتِ الجِنَّةُ ذَلِكَ لِلْأرَضَةِ فَإنَّما كانُوا يَأْتُونَها بِالماءِ، قالَ السُّدِّيُّ: والطِّينُ، ألَمْ تَرَ إلى الطِّينِ الَّذِي يَكُونُ في جَوْفِ الخَشَبِ فَإنَّما هو مِمّا تَأْتِيها بِهِ الشَّياطِينُ شُكْرًا: قالَ وقَدَّرُوا مِقْدارَ أكْلِها العَصا فَكانَ مِقْدارَ سِنَةٍ.
وَفي ﴿دابَّةُ الأرْضِ﴾ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: الأرَضَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ، وقَدْ قُرِئَ دابَّةُ الأرَضِ بِفَتْحِ الرّاءِ وهو واحِدُ الأرَضَةِ.
الثّانِي: أنَّها دابَّةٌ تَأْكُلُ العِيدانَ يُقالُ لَها القادِحُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
والمِنسَأةُ العَصا، قالَ الشّاعِرُ:
؎ إذا دَبَبْتَ عَلى المِنسَأةِ مِن هَرَمٍ فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ
وَأصْلُها مَأْخُوذٌ مِن نَسَأْتُ الغَنَمِ إذا سُقْتَها، وقالَ السُّدِّيُّ هي العَصا بِلِسانِ الحَبَشَةِ.
وَفِي دَلالَتِها لِلْجِنَّةِ عَلى مَوْتِهِ قَوْلانِ:
أحَدُها: وهو المَشْهُورُ المَرْفُوعُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّ سُلَيْمانَ وقَفَ في مِحْرابِهِ يُصَلِّي مُتَوَكِّئًا عَلى عَصاهُ فَماتَ وبَقِيَ عَلى حالِهِ قائِمًا عَلى عَصاهُ سَنَةً والجِنُّ لا تَعْلَمُ بِمَوْتِهِ، وقَدْ كانَ سَألَ اللَّهَ أنْ لا يَعْلَمُوا بِمَوْتِهِ حَتّى مَضى عَلَيْهِ سَنَةً.
واخْتُلِفَ في سَبَبِ سُؤالِهِ لِذَلِكَ عَلى قَوْلَيْنِ:
أحَدُهُما: لِأنَّ الجِنَّ كانُوا يَذْكُرُونَ لِلْإنْسِ أنَّهم يَعْلَمُونَ الغَيْبَ، فَسَألَ اللَّهَ تَعالى ذَلِكَ لِيَعْلَمَ الإنْسُ أنَّ الجِنَّ لا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ، وهَذا مَأْثُورٌ.
الثّانِي: لِأنَّ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ أسَّسَ بَيْتَ المَقْدِسِ ثُمَّ ماتَ فَبَناهُ سُلَيْمانُ بَعْدَهُ وسَخَّرَ الجِنَّ في عَمَلِهِ، وقَدْ كانَ بَقِيَ مِن إتْمامِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِناءَ سَنَةٍ فَسَألَ اللَّهَ تَعالى ألّا يَعْلَمَ الجِنُّ بِمَوْتِهِ حَتّى يُتِمُّوا البِناءَ فَأتَمُّوهُ.
ثُمَّ دَلَّتْهم دابَّةُ الأرْضِ في أكْلِ مِنسَأتِهِ عَلى مَوْتِهِ بَعْدَ سَنَةٍ مِن مَوْتِهِ لِأنَّهُ سَقَطَ (p-٤٤٢)عَنْها حِينَ أكَلَتْها الأرَضَةُ فَعَلِمَتِ الجِنُّ أنَّهُ قَدْ ماتَ.
والقَوْلُ الثّانِي: ما حَكاهُ ابْنُ عَبّاسٍ أنَّ اللَّهَ تَعالى ما قَبَضَ نَبِيَّهُ سُلَيْمانَ إلّا عَلى فِراشِهِ وكانَ البابُ في وجْهِهِ مُغْلَقًا عَلى عادَتِهِ في عِبادَتِهِ فَلَمّا كانَ بَعْدَ سَنَةٍ أكَلَتِ الأرَضَةُ العَتَبَةَ فَخَرَّ البابُ ساقِطًا فَتَبَيَّنَتِ الجِنُّ ذَلِكَ.
قالَ: وكانَ سُلَيْمانُ يَعْتَمِدُ عَلى العَتَبَةِ إذا جَلَسَ.
﴿فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ﴾ والشَّياطِينُ ومَن كانُوا مُسَخَّرِينَ في العَمَلِ.
﴿أنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ﴾
الثّانِي: تَبَيَّنَتِ الإنْسُ أنَّ الجِنَّ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ سَنَةً.
وَرَوى سُفْيانُ عَنْ عُمَرَ وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ التِّلاوَةَ: (فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الإنْسُ أنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ سَنَةً )
الثّالِثُ: أنَّ الجِنَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ شُبْهَةٌ تَوَهَّمُوا بِها أنَّهم يَعْلَمُونَ الغَيْبَ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنُوا أنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ.
وَحُكِيَ أنَّ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ ابْتَدَأ بِناءَ بَيْتِ المَقْدِسِ في السَّنَةِ الرّابِعَةِ مِن مُلْكِهِ واسْتَكْمَلَ بِناءَهُ في السَّنَةِ الحادِيَةَ عَشْرَةَ مِن مُلْكِهِ وقَرَّبَ بَعْدَ فَراغِهِ مِنهُ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ ثَوْرٍ ومِائَةً وعِشْرِينَ ألْفَ شاةٍ، واتَّخَذَ اليَوْمَ الَّذِي فَرَغَ مِن بِنائِهِ عِيدًا، وقامَ عَلى الصَّخْرَةِ رافِعًا يَدَيْهِ إلى اللَّهِ تَعالى بِالدُّعاءِ فَقالَ: اللَّهُمَّ أنْتَ وهَبْتَ لِي هَذا السُّلْطانَ وقَوَّيْتَنِي عَلى بِناءِ هَذا المَسْجِدِ فَأوْزِعْنِي [أنْ] أشْكُرَكَ عَلى ما أنْعَمْتَ عَلَيَّ، وتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِكَ، ولا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنِي، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ لِمَن دَخَلَ هَذا المَسْجِدَ خَمْسَ خِصالٍ: لا يَدْخُلُهُ مُذْنِبٌ دَخَلَ لِلتَّوْبَةِ إلّا غَفَرْتَ لَهُ وتُبْتَ عَلَيْهِ، ولا خائِفٌ إلّا أمَّنْتَهُ، ولا سَقِيمٌ إلّا شَفَيْتَهُ، ولا فَقِيرٌ إلّا أُغْنِيَتَهُ، والخامِسُ ألّا تَصْرِفَ نَظَرَكَ عَمَّنْ دَخَلَهُ حَتّى يَخْرُجَ مِنهُ، إلّا مَن أرادَ إلْحادًا أوْ ظُلْمًا يا رَبَّ العالَمِينَ.
{"ayah":"فَلَمَّا قَضَیۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦۤ إِلَّا دَاۤبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ٱلۡغَیۡبَ مَا لَبِثُوا۟ فِی ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











