قَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّ قِيامَها مُخْتَصٌّ بِعِلْمِهِ.
الثّانِي: أنَّ قِيامَها مَوْقُوفٌ عَلى إرادَتِهِ.
﴿وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ﴾ فِيما يَشاءُ مِن زَمانٍ ومَكانٍ.
﴿وَيَعْلَمُ ما في الأرْحامِ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: مِن ذَكَرٍ وأُنْثى، سَلِيمٍ وسَقِيمٍ.
(p-٣٥٠)الثّانِي: مِن مُؤْمِنٍ وكافِرٍ وشَقِيٍّ وسَعِيدٍ.
﴿وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَدًا﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ.
الثّانِي: مِن إيمانٍ أوْ كُفْرٍ.
﴿وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأيِّ أرْضٍ تَمُوتُ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: عَلى أيِّ حُكْمٍ تَمُوتُ مِن سَعادَةٍ أوْ شَقاءٍ، حَكاهُ النَّقّاشُ.
الثّانِي: في أيِّ أرْضٍ يَكُونُ مَوْتُهُ ودَفْنُهُ وهو أظْهَرُ.
وَقَدْ رَوى أبُو مَلِيحٍ عَنْ أبِي عَزَّةَ الهُذَلِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «إذا أرادَ اللَّهُ تَعالى قَبْضَ رُوحِ عَبْدٍ بِأرْضٍ جَعَلَ إلَيْها حاجَةً فَلَمْ يَنْتَهِ حَتّى يُقَدِّمَها، ثُمَّ قَرَأ ﷺ: ﴿إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿بِأيِّ أرْضٍ تَمُوتُ﴾ .»
وَقالَ هِلالُ بْنُ إسافٍ: ما مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إلّا وفي سُرَّتِهِ مِن تُرْبَةِ الأرْضِ الَّتِي يُدْفَنُ فِيها.
﴿إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
(p-٣٥١)أحَدُهُما: عَلِيمٌ بِالغَيْبِ خَبِيرٌ بِالنِّيَّةِ.
الثّانِي: عَلِيمٌ بِالأعْمالِ خَبِيرٌ بِالجَزاءِ.
وَيُقالُ «إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في رَجُلٍ مِن أهْلِ البادِيَةِ يُقالُ لَهُ: الوارِثُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حارِثَةَ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: إنَّ امْرَأتِي حُبْلى فَأخْبِرْنِي ماذا تَلِدُ، وبِلادُنا جَدْبَةٌ فَأخْبِرْنِي مَتى يَنْزِلُ الغَيْثُ، وقَدْ عَلِمْتُ مَتى وُلِدْتُ فَأخْبِرْنِي مَتى يَقُومُ السّاعَةُ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
» واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَیُنَزِّلُ ٱلۡغَیۡثَ وَیَعۡلَمُ مَا فِی ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِی نَفۡسࣱ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدࣰاۖ وَمَا تَدۡرِی نَفۡسُۢ بِأَیِّ أَرۡضࣲ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرُۢ"}