(p-٣٢٦)سُورَةُ لُقْمانَ
مَكِّيَّةٌ كُلُّها في قَوْلِ الجَمِيعِ إلّا رِوايَةَ عَطاءٍ أنَّ آيَتَيْنِ مِنها نَزَلَتا بِالمَدِينَةِ وهُما قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ﴾ والَّتِي بَعْدَها.
وَقالَ الحَسَنُ إلّا آيَةً مِنها نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ لِأنَّ الصَّلاةَ والزَّكاةَ مُدْنِيَتانِ.
قَوْلُهُ: ﴿الم﴾ ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: المُحْكَمُ أُحُكِمَتْ آياتُهُ بِالحَلالِ والحَرامِ والأحْكامِ.
قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
الثّانِي: المُتْقَنُ لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مَن خَلْفِهِ وهو قَرِيبٌ مِنَ المَعْنى الأوَّلِ، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ.
الثّالِثُ: البَيَّنُ أنَّهُ مِن عِنْدِ اللَّهِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الرّابِعُ: أنَّهُ يُظْهِرُ مِنَ الحِكْمَةِ بِنَفْسِهِ كَما يُظْهِرُهُ الحَكِيمُ بِقَوْلِهِ، قالَهُ ابْنُ عِيسى.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُدًى﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: هُدًى مِنَ الضَّلالَةِ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ.
(p-٣٢٧)الثّانِي: هُدًى إلى الجَنَّةِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ آدَمَ.
﴿وَرَحْمَةً﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّ القُرْآنَ رَحْمَةٌ مِنَ العَذابِ لِما فِيهِ مَنِ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِحْقاقِهِ وهو وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ النَّعْتِ بِأنَّهُ هُدًى ورَحْمَةٌ.
الثّانِي: أنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ المَدْحِ بِأنَّ فِيهِ هُدًى ورَحْمَةٌ.
﴿لِلْمُحْسِنِينَ﴾ وفي الإحْسانِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّهُ الإيمانُ الَّذِي يُحْسِنُ بِهِ إلى نَفْسِهِ، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ.
الثّانِي: أنَّهُ الصِّلَةُ والصَّلاةُ، قالَهُ الحَسَنُ.
الثّالِثُ: ما رَوى عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ قالَ: «بَيْنَما أنا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذْ أتاهُ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما الإحْسانُ؟ قالَ: (أنْ تَخْشى اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فَإنَّهُ يَراكَ.
وَتُحِبَّ لِلنّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ) قالَ: فَإذا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأنا مُحْسِنٌ؟ قالَ: (نَعَمْ) قالَ الرَّجُلُ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ انْطَلَقَ الرَّجُلُ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: (عَلَيَّ بِالرَّجُلِ) . فَطَلَبْناهُ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اللَّهُ أكْبَرُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ عَلَيِهِ السَّلامُ أرادَ أنْ يُعَلِّمَكم أمُورَ دِينِكم.
»
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: عَلى نُورٍ مِن رَبِّهِمْ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: عَلى بَيِّنَةٍ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
الثّالِثُ: عَلى بَيانٍ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
(p-٣٢٨)أحَدُها: بِمَعْنى السُّعَداءِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
الثّانِي: المُنْجِحُونَ، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ.
الثّالِثُ: النّاجِحُونَ، قالَهُ النَّقّاشُ.
الرّابِعُ: أنَّهُمُ الَّذِينَ أدْرَكُوا ما طَلَبُوا ونَجَوْا مِن شَرِّ ما مِنهُ هَرَبُوا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤمۤ","تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡحَكِیمِ","هُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّلۡمُحۡسِنِینَ","ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ یُوقِنُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَىٰ هُدࣰى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ"],"ayah":"الۤمۤ"}