الباحث القرآني
﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكًا﴾ لا اخْتِلافَ بَيْنَ أهْلِ التَّفْسِيرِ أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلْعِبادَةِ، وإنَّما اخْتَلَفُوا هَلْ كانَ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِغَيْرِها؟ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهُ قَدْ كانَتْ قَبْلَهُ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ.
والثّانِي: أنَّهُ لَمْ يُوضَعْ قَبْلَهُ بَيْتٌ، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ، وقَتادَةَ.
وَفي ( بَكَّةَ ) ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ بَكَّةَ المَسْجِدُ، ومَكَّةَ: الحَرَمُ كُلُّهُ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ شِهابٍ، وضَمْرَةَ بْنَ رَبِيعَةَ.
والثّانِي: أنَّ بَكَّةَ هي مَكَّةُ، وهو قَوْلُ أبِي عُبَيْدَةَ.
والثّالِثُ: أنَّ بَكَّةَ مَوْضِعُ البَيْتِ، ومَكَّةَ غَيْرُهُ في المَوْضِعِ يُرِيدُ القَرْيَةَ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مالِكٍ.
وَفي المَأْخُوذِ مِنهُ بَكَّةَ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الزَّحْمَةِ، يُقالُ: تَباكَّ القَوْمُ بَعْضُهم بَعْضًا إذا ازْدَحَمُوا، فَبَكَّةُ مُزْدَحَمُ النّاسِ لِلطَّوافِ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها سُمِّيَتْ بَكَّةَ، لِأنَّها تَبُكُّ أعْناقَ الجَبابِرَةِ، إذا ألْحَدُواْ فِيها بِظُلْمٍ لَمْ يُمْهَلُوا. (p-٤١١)
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿مُبارَكًا﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّ بَرَكَتَهُ ما يُسْتَحَقُّ مِن ثَوابِ القَصْدِ إلَيْهِ.
والثّانِي: أنَّهُ آمَنُ لِمَن دَخَلَهُ حَتّى الوَحْشِ، فَيَجْتَمِعُ فِيهِ الصَّيْدُ والكَلْبُ.
﴿فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إبْراهِيمَ﴾ الآيَةُ في مَقامِ إبْراهِيمَ أثَرُ قَدَمَيْهِ وهو حَجَرٌ صَلْدٌ؟ والآيَةُ في غَيْرِ المَقامِ: أمْنُ الخائِفِ، وهَيْبَةُ البَيْتِ وامْتِناعُهُ مِنَ العُلُوِّ عَلَيْهِ، وتَعْجِيلُ العُقُوبَةِ لِمَن عَتا فِيهِ، وما كانَ في الجاهِلِيَّةِ مِن أصْحابِ الفِيلِ.
﴿وَمَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا﴾ مَعْناهُ أنَّهُ عَطَّفَ عَلَيْهِ قُلُوبَ العَرَبِ في الجاهِلِيَّةِ فَكانَ الجانِي إذا دَخَلَهُ أمِنَ.
وَأمّا في الإسْلامِ فَفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مِنَ النّارِ، وهَذا قَوْلُ يَحْيى بْنِ جَعْدَةَ.
والثّانِي: مِنَ القِتالِ بِحَظْرِ الإيجالِ عَلى داخِلِيهِ، وأمّا الحُدُودُ فَتُقامُ عَلى مَن جَنى فِيهِ.
واخْتَلَفُوا في الجانِي إذا دَخَلَهُ في إقامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: تُقامُ عَلَيْهِ، وهو مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ.
والثّانِي: لا تُقامُ حَتّى يُلْجَأ إلى الخُرُوجِ مِنهُ، وهو مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ.
﴿وَلِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلا﴾ وفي الِاسْتِطاعَةِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها بِالمالِ، وهي الزّادُ والرّاحِلَةُ، وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ.
والثّانِي: أنَّها بِالبَدَنِ، وهو قَوْلُ مالِكٍ.
والثّالِثُ: أنَّها بِالمالِ والبَدَنِ، وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ.
﴿وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: يَعْنِي [مَن كَفَرَ] بِفَرْضِ الحَجِّ فَلَمْ يَرَهُ واجِبًا، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: هو لا يَرى حَجَّهُ بِرًّا ولا تَرْكَهُ مَأْثَمًا، وهو قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ. (p-٤١٢)
والثّالِثُ: اليَهُودُ، لِأنَّهُ لَمّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنهُ﴾ فَقالُوا: نَحْنُ مُسْلِمُونَ فَأُمِرُوا بِالحَجِّ فَلَمْ يَحُجُّوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
{"ayahs_start":96,"ayahs":["إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ","فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَ ٰهِیمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَ ٰهِیمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق