قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِن أهْلِ الكِتابِ مَن إنْ تَأْمَنهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ﴾ اخْتَلَفُوا في دُخُولِ الباءِ عَلى القِنْطارِ والدِّينارِ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّها دَخَلَتْ لِإلْصاقِ الأمانَةِ كَما دَخَلَتْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ﴾ [الحَجِّ: ٢٩]. (p-٤٠٣)
والثّانِي: أنَّها بِمَعْنى (عَلى) وتَقْدِيرُهُ: ومِن أهْلِ الكِتابِ مَن إنْ تَأْمَنهُ عَلى قِنْطارٍ.
﴿إلا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: إلّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا بِالمُطالَبَةِ والِاقْتِضاءِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ، ومُجاهِدٍ.
والثّانِي: بِالمُلازَمَةِ.
والثّالِثُ: قائِمًا عَلى رَأْسِهِ، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ.
﴿ذَلِكَ بِأنَّهم قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ يَعْنِي في أمْوالِ العَرَبِ، وفي سَبَبِ اسْتِباحَتِهِمْ لَهُ قَوْلانِ: أحَدُهُما: لِأنَّهم مُشْرِكُونَ مِن غَيْرِ أهْلِ الكِتابِ، وهو قَوْلُ قَتادَةَ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: لِأنَّهم تَحَوَّلُوا عَنْ دِينِهِمُ الَّذِي عامَلْناهم عَلَيْهِ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ وابْنِ جُرَيْجٍ، وقَدْ رَوى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (كَذَّبَ اللَّهُ أعْداءَ اللَّهِ، ما مِن شَيْءٍ كانَ في الجاهِلِيَّةِ إلّا وهو تَحْتَ قَدَمَيَّ إلّا الأمانَةَ فَإنَّها مُؤَدّاةٌ إلى البَرِّ والفاجِرِ)» .
{"ayahs_start":75,"ayahs":["۞ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَیۡسَ عَلَیۡنَا فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧنَ سَبِیلࣱ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ","بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِینَ"],"ayah":"۞ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لَیۡسَ عَلَیۡنَا فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧنَ سَبِیلࣱ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"}