الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ﴾ مَعْنى زُيِّنَ: أيْ حُسِّنَ حُبُّ الشَّهَواتِ، والشَّهْوَةُ مِن خَلْقِ اللَّهِ في الإنْسانِ، لِأنَّها ضَرُورَةٌ لا يَقْدِرُ عَلى دَفْعِها. وَفي المُزَيِّنِ لِحُبِّ الشَّهَواتِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ الشَّيْطانُ، لِأنَّهُ لا أحَدَ أشَدُّ ذَمًّا لَها مِنَ اللَّهِ تَعالى الَّذِي خَلَقَها، قالَهُ الحَسَنُ. الثّانِي: تَأْوِيلُ أنَّ اللَّهَ زَيَّنَ حُبَّ الشَّهَواتِ لِما جَعَلَهُ في الطَّبائِعِ مِنَ المُنازَعَةِ كَما قالَ تَعالى: ﴿إنّا جَعَلْنا ما عَلى الأرْضِ زِينَةً لَها﴾ [الكَهْفِ: ٧]، قالَهُ الزَّجّاجُ. والثّالِثُ: أنَّ اللَّهَ زَيَّنَ مِن حُبِّها ما حَسُنَ، وزَيَّنَ الشَّيْطانُ مِن حُبِّها ما قَبُحَ. (p-٣٧٦) ﴿والقَناطِيرِ المُقَنْطَرَةِ﴾ اخْتَلَفُوا في مِقْدارِ القِنْطارِ عَلى سَبْعَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ ألْفٌ ومِائَتا أُوقِيَّةٍ، وهو قَوْلُ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ، وأبِي هُرَيْرَةَ ورَواهُ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (القِنْطارُ ألْفٌ ومِائَتا أُوقِيَّةٍ)» . والثّانِي: أنَّهُ ألْفٌ ومِائَتا دِينارٍ، وهو قَوْلُ الضَّحّاكِ، والحَسَنِ، وقَدْ رَواهُ الحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. والثّالِثُ: أنَّهُ اثْنا عَشَرَ ألْفَ دِرْهَمٍ أوْ ألْفَ دِينارٍ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. والرّابِعُ: أنَّهُ ثَمانُونَ ألْفًا مِنَ الدَّراهِمِ، أوْ مِائَةُ رِطْلٍ مِنَ الذَّهَبِ، وهو قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وقَتادَةَ. والخامِسُ: أنَّهُ سَبْعُونَ ألْفًا، قالَهُ ابْنُ عُمَرَ، ومُجاهِدٌ. والسّادِسُ: أنَّهُ مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ ذَهَبًا، قالَهُ أبُو نَضْرَةَ. والسّابِعُ: أنَّهُ المالُ الكَثِيرُ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ. وَفي ﴿المُقَنْطَرَةِ﴾ خَمْسَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها المُضاعَفَةُ، وهو قَوْلُ قَتادَةَ. والثّانِي: أنَّها الكامِلَةُ المُجْتَمِعَةُ. والثّالِثُ: هي تِسْعَةُ قَناطِيرَ، قالَهُ الفَرّاءُ. والرّابِعُ: هي المَضْرُوبَةُ دَراهِمَ أوْ دَنانِيرَ، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ. والخامِسُ: أنَّها المَجْعُولَةُ كَذَلِكَ، كَقَوْلِهِمْ: دَراهِمُ مُدَرْهَمَةٌ. وَيَحْتَمِلُ وجْهًا سادِسًا: أنَّ القَناطِيرَ المَذْكُورَةَ مَأْخُوذَةٌ مِن قَنْطَرَةِ الوادِي، إمّا لِأنَّها بِتَرْكِها مُعَدَّةٌ كالقَناطِرِ المَعْبُورَةِ، وإمّا لِأنَّها مُعَدَّةٌ لِوَقْتِ الحاجَةِ، والقَناطِيرُ (p-٣٧٧) مَأْخُوذَةٌ مِن عَقْدِ الشَّيْءِ وإحْكامِهِ كالقَنْطَرَةِ. ﴿والخَيْلِ المُسَوَّمَةِ﴾ فِيها خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّها الرّاعِيَةُ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، والرَّبِيعُ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ أيْ تَرْعَوْنَ. والثّانِي: أنَّ المُسَوَّمَةَ الحَسَنَةُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، والسُّدِّيُّ. والثّالِثُ: أنَّها المُعَلَّمَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ. والرّابِعُ: أنَّها المُعَدَّةُ لِلْجِهادِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. والخامِسُ: أنَّها مِنَ السِّيما مَقْصُورَةٌ ومَمْدُودٌ، قالَهُ الحَسَنُ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ غُلامٌ رَماهُ اللَّهُ بِالحُسْنِ يافِعًا لَهُ سِيمْياءٌ لا تَشُقُّ عَلى البَصَرِ ﴿والأنْعامِ﴾ هي الإبِلُ، والبَقَرُ، والغَنَمُ مِنَ الضَّأْنِ والمَعْزِ، ولا يُقالُ: النَّعَمُ لِجِنْسٍ مِنها عَلى الِانْفِرادِ إلّا لِلْإبِلِ خاصَّةً. ( والحَرْثِ ) هو الزَّرْعُ. وَيَحْتَمِلُ وجْهًا ثانِيًا: أنْ يُرِيدَ أرْضَ الحَرْثِ لِأنَّها أصْلٌ، ويَكُونُ الحَرْثُ بِمَعْنى المَحْرُوثِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب