الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِن رَبِّهِ﴾ وفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم كانُوا يَسْألُونَهُ آياتٍ يَقْتَرِحُونَها عَلَيْهِ كَما كانَ يَفْعَلُهُ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ أنْ يَجْعَلَ الصَّفا ذَهَبًا وأنْ يُجْرِيَ بِمَكَّةَ نَهْرًا. الثّانِي: أنَّهم سَألُوهُ مِثْلَ آياتِ الأنْبِياءِ قَبْلَهُ كَما جاءَ صالِحٌ بِالنّاقَةِ ومُوسى بِالعَصا وعِيسى بِإحْياءِ المَوْتى. ﴿قُلْ إنَّما الآياتُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيْ أنَّ اللَّهَ هو الَّذِي يُعْطِي ما يَشاءُ مِنَ الآياتِ لِمَن يَشاءُ مِنَ الأنْبِياءِ بِحَسَبِ ما يَرى مِنَ المَصْلَحَةِ ولِذَلِكَ لَمْ تَتَّفِقْ آياتُ الأنْبِياءِ كُلُّها وإنَّما جاءَ كُلُّ نَبِيٍّ بِنَوْعٍ مِنها. ﴿وَإنَّما أنا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ يَعْنِي أنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَندُوبٌ لِلْإنْذارِ والبَيانِ لا لِما يُقْتَرَحُ عَلَيْهِ مِنَ الآياتِ وإنَّما يَلْزَمُ أنْ يَأْتِيَ بِما يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ مِنَ المُعْجِزاتِ وقَدْ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فَأجابَهم بِهِ فَقالَ: ﴿أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ يُتْلى عَلَيْهِمْ وفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أوَلَمَ يَكْفِهِمْ مِنَ الآياتِ الَّتِي سَألُوها أنّا أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ آيَةً لَكَ ودَلِيلًا عَلى صِدْقِكَ لِما فِيهِ مِنَ الإعْجازِ في نَظْمِهِ وصِدْقِ خَبَرِهِ وصِحَّةِ وعْدِهِ؟ الثّانِي: أنَّهُ مَحْمُولٌ عَلى ما رَواهُ عَمْرُو بْنُ دِينارٍ عَنْ يَحْيى بْنِ جَعْدَةَ قالَ: «أُتِيَ (p-٢٨٩)النَّبِيُّ ﷺ بِكِتابٍ في كَتِفٍ فَقالَ: كَفى بِقَوْمٍ حُمْقًا أنْ يَرْغَبُوا عَمّا جاءَ بِهِ نَبِيُّهم إلى غَيْرِ نَبِيِّهِمْ أوْ كِتابٍ غَيْرِ كِتابِهِمْ فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ﴾ .» ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَرَحْمَةً وذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يَعْنِي اسْتِنْقاذَهم مِنَ الضَّلالِ، وبِالذِّكْرى إرْشادُهم إلى الحَقِّ. ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ يُرِيدُونَ الإيمانَ ولا يَقْصِدُونَ العِنادَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وبَيْنَكم شَهِيدًا﴾ يَعْنِي شَهِيدًا بِالصِّدْقِ والإبْلاغِ، وعَلَيْكم بِالتَّكْذِيبِ والعِنادِ. ﴿يَعْلَمُ ما في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ وهَذا احْتِجاجٌ عَلَيْهِمْ في صِحَّةِ شَهادَتِهِ عَلَيْهِمْ لِأنَّهم قَدْ أقَرُّوا بِعِلْمِهِ فَلَزِمَهم أنْ يُقِرُّوا بِشَهادَتِهِ. ﴿والَّذِينَ آمَنُوا بِالباطِلِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: بِإبْلِيسَ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ. الثّانِي: بِعِبادَةِ الأوْثانِ والأصْنامِ، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ. ﴿وَكَفَرُوا بِاللَّهِ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: لِتَكْذِيبِهِمْ بِرُسُلِهِ وجَحْدِهِمْ لِكُتُبِهِ. الثّانِي: بِما أشْرَكُوهُ مَعَهُ مِنَ الآلِهَةِ وأضافُوهُ إلَيْهِ مِنَ الأوْلادِ والأنْدادِ. ﴿أُولَئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: خَسِرُوا أنْفُسَهم بِإهْلاكِها، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسى. الثّانِي: خَسِرُوا في الآخِرَةِ نَعِيمَ الجَنَّةِ بِعَذابِ النّارِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب