الباحث القرآني
﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ وهو يَوْمُ النُّشُورِ مِنَ القُبُورِ وفِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّ الصُّورَ جَمْعُ صُورَةٍ، والنَّفْخُ فِيها إعادَةُ الأرْواحِ إلَيْها.
الثّانِي: أنَّهُ شَيْءٌ يُنْفَخُ فِيهِ كالبُوقِ يَخْرُجُ مِنهُ صَوْتٌ يَحْيا بِهِ المَوْتى.
الثّالِثُ: أنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِإحْياءِ المَوْتى في وقْتٍ واحِدٍ بِخُرُوجِهِمْ فِيهِ كَخُرُوجِ الجَيْشِ إذا أُنْذِرُوا بِنَفْخِ البُوقِ فاجْتَمَعُوا في الخُرُوجِ وقْتًا واحِدًا.
﴿فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرْضِ إلا مَن شاءَ اللَّهُ﴾ وفي هَذا الفَزَعِ هُنا قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ الإجابَةُ والإسْراعُ إلى النِّداءِ مِن قَوْلِكَ فَزِعْتُ إلَيْهِ مِن كَذا إذا أسْرَعْتَ إلى نِدائِهِ في مَعُونَتِكَ قالَ الشّاعِرُ:
؎ كُنّا إذا ما أتانا صارِخٌ فَزِعٌ كانَ الصُّراخُ لَهُ قَرْعَ الظَّنابِيبِ
فَعَلى هَذا يَكُونُ ﴿إلا مَن شاءَ اللَّهُ﴾ اسْتِثْناءً لَهم مِنَ الإجابَةِ والإسْراعِ إلى النّارِ.
وَيَحْتَمِلُ مَن أُرِيدَ بِهِمْ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: المَلائِكَةُ الَّذِينَ أُخِّرُوا عَنْ هَذِهِ النَّفْخَةِ.
الثّانِي: البَهائِمُ الَّتِي تَصِيرُ إنْ أُعِيدَتْ تُرابًا.
والقَوْلُ الثّانِي: إنَّ الفَزَعَ هُنا هو الفَزَعُ المَعْهُودُ مِنَ الخَوْفِ والحَذَرِ لِأنَّهم (p-٢٣٠)أُزْعِجُوا مِن قُبُورِهِمْ فَفَزِعُوا وخافُوا وهَذا أشْبَهُ القَوْلَيْنِ، فَعَلى هَذا يَكُونُ قَوْلُهُ ﴿إلا مَن شاءَ﴾ اسْتِثْناءً لَهم مِنَ الخَوْفِ والفَزَعِ.
وَفِيهِمْ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُمُ المَلائِكَةُ الَّذِينَ يُثَبِّتُ اللَّهُ قُلُوبَهم، قالَهُ ابْنُ عِيسى.
الثّانِي: أنَّهُمُ الشُّهَداءُ.
رَوى أبُو هُرَيْرَةَ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُمُ الشُّهَداءُ» ولَوْلا هَذا النَّصُّ لَكانَ الأنْبِياءُ بِذَلِكَ أحَقَّ لِأنَّهم لا يُقْصِرُونَ عَنْ مَنازِلِ الشُّهَداءِ وإنْ كانَ في هَذا النَّصِّ تَنْبِيهٌ عَلَيْهِمْ.
وَقِيلَ إنَّ إسْرافِيلَ هو النّافِخُ في الصُّورِ.
﴿وَكُلٌّ أتَوْهُ داخِرِينَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: راغِمِينَ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّانِي: صاغِرِينَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ ويَكُونُ المُرادُ بِقَوْلِهِ ﴿وَكُلٌّ أتَوْهُ داخِرِينَ﴾ مَن فَزِعَ ومَنِ اسْتُثْنِيَ مِنَ الفَزَعِ بِقَوْلِهِ: ﴿إلا مَن شاءَ اللَّهُ﴾ وهَذا يَكُونُ في النَّفْخَةِ الثّانِيَةِ، والفَزَعُ بِالنَّفْخَةِ الأُولى، ورَوى الحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ عامًا» .
قَوْلُهُ ﴿وَتَرى الجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً﴾ أيْ واقِفَةً.
﴿وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ﴾ أيْ لا يُرى سَيْرُها لِبُعْدِ أطْرافِها كَما لا يُرى سَيْرُ السَّحابِ إذا انْبَسَطَ لِبُعْدِ أطْرافِهِ وهَذا مَثَلٌ، وفِيمَ ضُرِبَ لَهُ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعالى لِلدُّنْيا يَظُنُّ النّاظِرُ إلَيْها أنَّها واقِفَةٌ كالجِبالِ وهي آخِذَةٌ بِحَظِّها مِنَ الزَّوالِ كالسَّحابِ، قالَهُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
الثّانِي: أنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْإيمانِ، تَحْسَبُهُ ثابِتًا في القَلْبِ وعَمَلُهُ صاعِدٌ إلى السَّماءِ.
الثّالِثُ: أنَّهُ مَثَلٌ لِلنَّفْسِ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ والرُّوحُ تَسِيرُ إلى القُدْسِ.
(p-٢٣١)﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ أيْ فِعْلَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ.
وَفِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أحْكَمَ كُلَّ شَيْءٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أحْصى، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّالِثُ: أحْسَنَ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الرّابِعُ: أوْثَقَ، واخْتُلِفَ فِيها فَقالَ الضَّحّاكُ: هي كَلِمَةٌ سُرْيانِيَّةٌ، وقالَ غَيْرُهُ: هي عَرَبِيَّةٌ مَأْخُوذٌ مِن إتْقانِ الشَّيْءِ إذا أُحْكِمَ وأُوثِقَ، وأصْلُها مِنَ التَّقْنِ وهو ما ثَقُلَ مِنَ الحَوْضِ مِن طِينَةٍ.
قَوْلُهُ: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ﴾ فِيها وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّها أداءُ الفَرائِضِ كُلِّها.
الثّانِي: أفْضَلُ مِنها لِأنَّهُ يُعْطى بِالحَسَنَةِ عَشْرًا، قالَهُ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ.
الثّالِثُ: فَلَهُ مِنها خَيْرٌ لِلثَّوابِ العائِدِ عَلَيْهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ.
﴿وَهم مِن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: وهم مِن فَزَعِ يَوْمِ القِيامَةِ آمِنُونَ في الجَنَّةِ.
الثّانِي: وهم مِن فَزَعِ المَوْتِ في الدُّنْيا آمِنُونَ في الآخِرَةِ.
﴿وَمَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ الشِّرْكِ في قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ وأبِي هُرَيْرَةَ.
{"ayahs_start":87,"ayahs":["وَیَوۡمَ یُنفَخُ فِی ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَاۤءَ ٱللَّهُۚ وَكُلٌّ أَتَوۡهُ دَ ٰخِرِینَ","وَتَرَى ٱلۡجِبَالَ تَحۡسَبُهَا جَامِدَةࣰ وَهِیَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِۚ صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ أَتۡقَنَ كُلَّ شَیۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِیرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ","مَن جَاۤءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَیۡرࣱ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعࣲ یَوۡمَىِٕذٍ ءَامِنُونَ","وَمَن جَاۤءَ بِٱلسَّیِّئَةِ فَكُبَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فِی ٱلنَّارِ هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"مَن جَاۤءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَیۡرࣱ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعࣲ یَوۡمَىِٕذٍ ءَامِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق