الباحث القرآني

قَوْلُهُ: ﴿قالَتْ يا أيُّها المَلأُ أفْتُونِي في أمْرِي﴾ أشِيرُوا عَلَيَّ في هَذا الأمْرِ الَّذِي نَزَلَ بِي فَجَعَلَتِ المَشُورَةَ فُتْيا وقِيلَ: إنَّها أوَّلُ مَن وضَعَ المَشُورَةَ. ﴿ما كُنْتُ قاطِعَةً أمْرًا حَتّى تَشْهَدُونِ﴾ أيْ مُمْضِيَةً أمْرًا، وفي قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قاضِيَةً أمْرًا، والمَعْنى واحِدٌ. (p-٢٠٨)﴿حَتّى تَشْهَدُونِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: حَتّى تُشِيرُوا، قالَهُ زُهَيْرٌ. الثّانِي: حَتّى تَحْضُرُوا، قالَهُ الكَلْبِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ﴾ أيْ أهْلُ عَدَدٍ وعُدَّةٍ. ﴿وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ أيْ شَجاعَةٍ وآلَةٍ، وفي هَذا القَوْلِ مِنهم وجْهانِ: أحَدُهُما: تَفْوِيضُ الأمْرِ إلى رَأْيِها لِأنَّها المُدَبِّرَةُ لَهم. الثّانِي: أنَّهم أجابُوها تُبادِرِينَ إلى قِتالِهِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. قالَ مُجاهِدٌ: كانَ تَحْتَ يَدَيْ مَلِكَةِ سَبَأ اثْنا عَشَرَ ألْفَ قِيلٍ، تَحْتَ كُلِّ قِيلٍ مِائَةُ ألْفِ مُقاتِلٍ وهَذا بَعِيدٌ. ﴿والأمْرُ إلَيْكِ﴾ الآيَةَ. عَرَضُوا عَلَيْها الحَرْبَ ورَدُّوا إلَيْها الأمْرَ، قالَ الحَسَنُ: ولَّوْا أمْرَهم عِلْجَةً يَضْطَرِبُ ثَدْياها، حَدَّثَ أبُو بَكْرَةَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأةٌ)» . قَوْلُهُ: ﴿قالَتْ إنَّ المُلُوكَ إذا دَخَلُوا قَرْيَةً أفْسَدُوها﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ أخَذُوها عَنْوَةً، وأفْسَدُوها، وخَرَّبُوها. وَيَحْتَمِلُ وجْهًا آخَرَ: أنْ يَكُونَ بِالِاسْتِيلاءِ عَلى مَساكِنِها وإجْلاءِ أهْلِها عَنْها. ﴿وَجَعَلُوا أعِزَّةَ أهْلِها أذِلَّةً﴾ أيْ أشْرافَهم وعُظَماءَهم أذِلَّةً وفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: بِالسَّيْفِ، قالَهُ زُهَيْرٌ. الثّانِي: بِالِاسْتِعْبادِ، قالَهُ ابْنُ عِيسى. وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: أنْ يَكُونَ بِأخْذِ أمْوالِهِمْ وحَطِّ أقْدارِهِمْ. ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ هَذا مِن قَوْلِ اللَّهِ، وكَذَلِكَ يَفْعَلُ المُلُوكُ إذا دَخَلُوا قَرْيَةً أفْسَدُوها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. (p-٢٠٩)الثّانِي أنَّ هَذا حِكايَةٌ عَنْ قَوْلِ بِلْقِيسَ: كَذَلِكَ يَفْعَلُ سُلَيْمانُ إذا دَخَلَ بِلادَنا، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنِّي مُرْسِلَةٌ إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ اخْتُلِفَ فِيها عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها كانَتْ لَبِنَةً مِن ذَهَبَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّها كانَتْ جَوْهَرًا، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ. الثّالِثُ: أنَّها كانَتْ صَحائِفَ الذَّهَبِ في أوْعِيَةِ الدِّيباجِ، قالَهُ ثابِتٌ البُنانِيُّ. الرّابِعُ: أنَّها أهْدَتْ غِلْمانًا لِباسُهم لِباسُ الجَوارِي، وجَوارِيَ لِباسُهم لِباسُ الغِلْمانِ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ وابْنُ جُبَيْرٍ، والسُّدِّيُّ، وزُهَيْرٌ، واخْتُلِفَ في عَدَدِهِمْ فَقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كانُوا ثَمانِينَ غُلامًا وجارِيَةً، وقالَ زُهَيْرٌ كانُوا ثَمانِينَ غُلامًا وثَمانِينَ جارِيَةً. ﴿فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُونَ﴾ قالَ قَتادَةُ: يَرْحَمُها اللَّهُ إنْ كانَتْ لَعاقِلَةً في إسْلامِها وشِرْكِها، قَدْ عَلِمَتْ أنَّ الهَدِيَّةَ تَقَعُ مَوْقِعَها مِنَ النّاسِ. واخْتُلِفَ فِيما قَصَدَتْ بِهَدِيَّتِها عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: ما ذَكَرَهُ قَتادَةُ مِنَ المُلاطَفَةِ والِاسْتِنْزالِ. الثّانِي: اخْتِبارُ نُبُوَّتِهِ مِن مُلْكِهِ، ومَن قالَ بِهَذا اخْتَلَفُوا بِماذا اخْتَبَرَتْهُ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّها اخْتَبَرَتْهُ بِالقَبُولِ والرَّدِّ، فَقالَتْ: إنْ قَبِلَ الهَدِيَّةَ فَهو مَلِكٌ فَقاتِلُوهُ عَلى مُلْكِكُمْ، وإنْ لَمْ يَقْبَلِ الهَدِيَّةَ فَهو نَبِيٌّ لا طاقَةَ لَكم بِقِتالِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وزُهَيْرٌ. الثّانِي: أنَّها اخْتَبَرَتْهُ بِتَمْيِيزِ الغِلْمانِ مِنَ الجَوارِي، ومَن قالَ بِهَذا اخْتَلَفُوا بِماذا مَيَّزَهم سُلَيْمانُ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ: أحَدُها: أنْ أمَرَهم بِالوُضُوءِ فاغْتَرَفَ الغُلامُ بِيَدِهِ وأفْرَغَتِ الجارِيَةُ عَلى يَدَيْها فَمَيَّزَهم بِهَذا، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: لَمّا تَوَضَّؤُوا غَسَلَ الغِلْمانُ ظُهُورَ السَّواعِدِ قَبْلَ بُطُونِها، وغَسَلَ الجَوارِي بُطُونَ السَّواعِدِ قَبْلَ ظُهُورِها، فَمَيَّزَهم بِهَذا، قالَهُ قَتادَةُ. (p-٢١٠)الثّالِثُ: أنَّهم لَمّا تَوَضَّؤُوا بَدَأ الغُلامُ مِن مِرْفَقِهِ إلى كَفِّهِ وبَدَأتِ الجارِيَةُ مِن كَفِّها إلى مِرْفَقِها، فَمَيَّزَهم بِهَذا، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب