الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ﴾ يَعْنِي إذا غَضِبُوا سَبُّوا، وفِيهِمْ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُمُ الشَّياطِينُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: المُشْرِكُونَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّالِثُ: السُّفَهاءُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. (p-١٩٠)الرّابِعُ: الرُّواةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. ﴿ألَمْ تَرَ أنَّهم في كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: في كُلِّ فَنٍّ مِنَ الكَلامِ يَأْخُذُونَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: في كُلِّ لَغْوٍ يَخُوضُونَ، قالَهُ قُطْرُبٌ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ إنِّي لَمُعْتَذِرٍ إلَيْكَ مِنَ الَّذِي أسْدَيْتُ إذْ أنا في الضَّلالِ أهِيمُ الثّالِثُ: هو أنْ يَمْدَحَ قَوْمًا بِباطِلٍ، ويَذُمَّ قَوْمًا بِباطِلٍ، قالَهُ قَتادَةُ. وَفي الهائِمِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ المُخالِفُ في القَصْدِ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. الثّانِي: أنَّهُ المُجاوِزُ لِلْحَدِّ. ﴿وَأنَّهم يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ﴾ يَعْنِي ما يَذْكُرُونَهُ في شِعْرِهِمْ مِنَ الكَذِبِ بِمَدْحٍ أوْ ذَمٍّ أوْ تَشْبِيهٍ أوْ تَشْبِيبٍ. ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ تَقْدِيرُهُ فَإنَّهم لا يَتْبَعُهُمُ الغاوُونَ ولا يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ. رُوِيَ «أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَواحَةَ وكَعْبَ بْنَ مالِكٍ وحَسّانَ بْنَ ثابِتٍ أتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ نَزَلَ ﴿والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوُونَ﴾ فَبَكَوْا عِنْدَهُ وقالُوا: هَلَكْنا يا رَسُولَ اللَّهِ، (p-١٩١)فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ فَقَرَأها عَلَيْهِمْ حَتّى بَلَغَ إلى قَوْلِهِ: ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ فَقالَ: أنْتُمْ. » ﴿وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: في شِعْرِهِمْ. الثّانِي: في كَلامِهِمْ. ﴿وانْتَصَرُوا مِن بَعْدِ ما ظُلِمُوا﴾ أيْ رَدُّوا عَلى المُشْرِكِينَ ما كانُوا يَهْجُونَ بِهِ المُؤْمِنِينَ فَقاتِلُوهم عَلَيْهِ نُصْرَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وانْتِقامًا مِنَ المُشْرِكِينَ. ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ وهَذا وعِيدٌ يُرادُ بِهِ مَن هَجا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنَ الشُّعَراءِ لِكُلِّ كافِرٍ مِن شاعِرٍ وغَيْرِ شاعِرٍ سَيَعْلَمُونَ يَوْمَ القِيامَةِ أيَّ مَصِيرٍ يَصِيرُونَ وأيَّ مَرْجِعٍ يَرْجِعُونَ، لِأنَّ مَصِيرَهم إلى النّارِ وهو أقْبَحُ مَصِيرٍ، ومَرْجِعُهم إلى العَذابِ وهو شَرُّ مَرْجِعٍ. والفَرْقُ بَيْنَ المُنْقَلَبِ والمُرْجِعِ أنَّ المُنْقَلَبَ الِانْتِقالُ إلى ضِدِّ ما هو فِيهِ والمَرْجِعَ العَوْدُ مِن حالٍ هو فِيها إلى حالٍ كانَ عَلَيْها، فَصارَ إلى مَرْجِعٍ مُنْقَلَبًا ولَيْسَ كُلُّ مُنْقَلَبٍ مَرْجِعًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب