قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً﴾ في قائِلِ ذَلِكَ مِنَ الكُفّارِ قَوْلانِ:
(p-١٤٤)أحَدُهُما: أنَّهم كُفّارُ قُرَيْشٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أنَّهُمُ اليَهُودُ حِينَ رَأوْا نُزُولَ القُرْآنِ مُفَرَّقًا، قالُوا: هَلّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ جُمْلَةً واحِدَةً، كَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ عَلى مُوسى.
﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لِنُشَجِّعَ بِهِ قَلَبَكَ، لِأنَّهُ مُعْجِزٌ يَدُلُّ عَلى صِدْقِكَ، وهو مَعْنى قَوْلِ السُّدِّيِّ.
الثّانِي: مَعْناهُ كَذَلِكَ أنْزَلْناهُ مُفَرَّقًا لِنُثَبِّتَهُ في فُؤادِكَ.
وَفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لِأنَّهُ كانَ أُمِّيًّا ولَمْ يَنْزِلِ القُرْآنُ عَلَيْهِ مَكْتُوبًا، فَكانَ نُزُولُهُ مُفَرَّقًا أثْبَتَ في فُؤادِهِ، وأعْلَقَ بِقَلْبِهِ.
الثّانِي: لِنُثَبِّتَ فُؤادَكَ بِاتِّصالِ الوَحْيِ ومُداوَمَةِ نُزُولِ القُرْآنِ، فَلا تَصِيرُ بِانْقِطاعِ الوَحْيِ مُسْتَوْحِشًا.
﴿وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: ورَسَلْناهُ تَرْسِيلًا، شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: وفَرَّقْناهُ تَفْرِيقًا، قالَهُ إبْراهِيمُ.
الثّالِثُ: وفَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الرّابِعُ: وفَسَّرْناهُ تَفْسِيرًا، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الخامِسُ: وبَيَّنّاهُ تَبْيِينًا، قالَهُ قَتادَةُ.
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يا ابْنَ عَبّاسٍ إذا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَرَتِّلْهُ تَرْتِيلًا فَقُلْتُ وما التَّرْتِيلُ؟، قالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِينًا ولا تَبْتُرْهُ بَتْرَ الدَّقَلِ، ولا تَهُذُّهُ هَذَّ الشِّعْرِ ولا يَكُونُ هَمُّ أحَدِكم آخِرَ السُّورَةِ» .(p-١٤٥)
{"ayahs_start":32,"ayahs":["وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَیۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰۚ كَذَ ٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَـٰهُ تَرۡتِیلࣰا","وَلَا یَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِیرًا","ٱلَّذِینَ یُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا"],"ayah":"ٱلَّذِینَ یُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا"}