الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: لا يَخافُونَ ولا يَخْشَوْنَ، قالَهُ السُّدِّيُّ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ إذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَها وخالَفَها في بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلِ أيْ لَمْ يَخْشَ. الثّانِي: لا يُبالُونَ، قالَهُ ابْنُ عُمَيْرٍ، وأنْشَدَ لِخُبَيْبٍ. ؎ لَعَمْرَكَ ما أرْجُو إذا كُنْتَ مُسْلِمًا ∗∗∗ عَلى أيِّ حالٍ كانَ في اللَّهِ مَصْرَعِي أيْ ما أُبالِي. الثّالِثُ: لا يَأْمُلُونَ، حَكاهُ ابْنُ شَجَرَةَ وأنْشَدَ قَوْلَ الشّاعِرِ: ؎ أتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا ؎ شَفاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الحِسابِ ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنا المَلائِكَةُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: لِيُخْبِرُونا أنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ. (p-١٤٠)الثّانِي: لِيَكُونُوا رُسُلًا إلَيْنا مِن رَبِّهِمْ بَدَلًا مِن رِسالَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ . ﴿أوْ نَرى رَبَّنا﴾ فَيَأْمُرُنا بِاتِّباعِ مُحَمَّدٍ وتَصْدِيقِهِ. ﴿لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا في أنْفُسِهِمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: تَكَبَّرُوا في أنْفُسِهِمْ لِما قَلَّ في أعْيُنِهِمْ مِن إرْسالِ مُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا إلَيْهِمْ. الثّانِي: اسْتَكْبَرُوا في أنْفُسِهِمْ بِما اقْتَرَحُوهُ مِن رُؤْيَةِ اللَّهِ ونُزُولِ المَلائِكَةِ عَلَيْهِمْ. ﴿وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ التَّجَبُّرُ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. الثّانِي: العِصْيانُ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ. الثّالِثُ: أنَّهُ السَّرَفُ في الظُّلْمِ، حَكاهُ ابْنُ عِيسى. الرّابِعُ: أنَّهُ الغُلُوُّ في القَوْلِ، حَكاهُ النَّقّاشُ. الخامِسُ: أنَّهُ شِدَّةُ الكُفْرِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. قِيلَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ ومِكْرَزِ بْنِ حَفْصِ بْنِ الأخْنَفِ في جَماعَةٍ مِن قُرَيْشٍ قالُوا: لَوْلا أُنْزِلُ عَلَيْنا المَلائِكَةُ أوْ نَرى رَبَّنا. فَنَزَلَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: عِنْدَ المَوْتِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ. الثّانِي: يَوْمَ القِيامَةِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. ﴿لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ﴾ يَعْنِي بِالجَنَّةِ، قالَهُ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ: إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ يُلْقى المُؤْمِنُ بِالبُشْرى فَإذا رَأى الكافِرُ ذَلِكَ تَمَنّاهُ فَلَمْ يَرَهُ مِنَ المَلائِكَةِ. ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مَعْناهُ مَعاذَ اللَّهِ أنْ تَكُونَ لَكُمُ البُشْرى يَوْمَئِذٍ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: مَعْناهُ: مَنَعَنا أنْ نَصِلَ إلى شَيْءٍ مِنَ الخَيْرِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. الثّالِثُ: حَرامًا مُحَرَّمًا أنْ تَكُونَ لَكُمُ البُشْرى يَوْمَئِذٍ، قالَهُ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، والضَّحّاكُ، وقَتادَةُ ومِنهُ قَوْلُ المُلْتَمِسِ:(p-١٤١) ؎ حَنَّتْ إلى النَّخْلَةِ القُصْوى فَقُلْتُ لَها ∗∗∗ حَجْرٌ حَرامٌ إلّا تِلْكَ الدَّهارِيسَ. وَفِي القائِلِينَ حِجْرًا مَحْجُورًا قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُمُ المَلائِكَةُ قالُوهُ لِلْكُفّارِ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: أنَّهُمُ الكُفّارُ قالُوهُ لِأنْفُسِهِمْ، قالَهُ قَتادَةُ. قَوْلُهُ تَعالى ﴿وَقَدِمْنا﴾ أيْ عَمَدْنا، قالَهُ مُجاهِدٌ، قالَ الرّاجِزُ: ؎ وقَدِمَ الخَوارِجُ الضُّلّالُ ∗∗∗ إلى عُبّادِ رَبِّهِمْ فَقالُوا ؎ إنَّ دِماءَكم لَنا حَلالُ ﴿إلى ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: مِن عَمِلَ خَيْرًا لا يُتَقَبَّلُ مِنهم لِإحْباطِهِ بِالكُفْرِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: مِن عَمِلَ صالِحًا لا يُرادُ بِهِ وجْهُ اللَّهِ، قالَهُ ابْنُ المُبارَكِ. ﴿فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنثُورًا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ رَهْجُ الدَّوابِّ، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ. الثّانِي: أنَّهُ كالغُبارِ يَكُونُ في شُعاعِ الشَّمْسِ إذا طَلَعَتْ في كُوَّةٍ، قالَهُ الحَسَنُ، وعِكْرِمَةُ. الثّالِثُ: أنَّهُ ما ذَرَّتُهُ الرِّياحُ مِن يابِسِ أوْراقِ الشَّجَرِ، قالَهُ قَتادَةُ. الرّابِعُ: أنَّها الماءُ المُراقُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الخامِسُ: أنَّهُ الرَّمادُ، قالَهُ عُبَيْدُ بْنُ يَعْلى. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أصْحابُ الجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ يَعْنِي مَنزِلًا في الجَنَّةِ مِن مُسْتَقَرِّ الكُفّارِ في النّارِ. ﴿وَأحْسَنُ مَقِيلا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ المُسْتَقَرَّ في الجَنَّةِ والمَقِيلَ دُونَها، قالَهُ أبُو سِنانٍ. الثّانِي: أنَّهُ عَنى مَوْضِعَ القائِلَةِ لِلدَّعَةِ وإنْ لَمْ يَقِيلُوا، ذَكَرَهُ ابْنُ عِيسى. الثّالِثُ: أنَّهُ يَقِيلُ أوْلِياءَ اللَّهِ بَعْدَ الحِسابِ عَلى الأُسْرَةِ مَعَ الحُورِ العِينِ، ويَقِيلُ أعْداءَ اللَّهِ مَعَ الشَّياطِينِ المُقَرَّنِينَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. (p-١٤٢)الرّابِعُ: لِأنَّهُ يَفْرَغُ مِن حِسابِهِمْ وقْتَ القائِلَةِ وهو نِصْفُ النَّهارِ، فَذَلِكَ أحْسَنُ مَقِيلًا، مِن مَقِيلِ الكُفّارِ، قالَهُ الفَرّاءُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب