قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا كانُوا مَعَهُ عَلى أمْرٍ جامِعٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّ الأمْرَ الجامِعَ الجُمُعَةُ والعِيدانِ والِاسْتِسْقاءُ وكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ الخُطْبَةُ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
الثّانِي: أنَّهُ الجِهادُ، قالَهُ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ.
الثّالِثُ: طاعَةُ اللَّهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
﴿لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ أيْ لَمْ يَنْصَرِفُوا عَنْهُ حَتّى يَسْتَأْذِنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيهِ.
﴿فَإذا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ﴾ الآيَةَ.
وَهَذا بِحَسَبِ ما يَرى مِن أعْذارِهِمْ ونِيّاتِهِمْ ورُوِيَ أنَّ هَذا نَزَلَ في عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في غَزاةِ تَبُوكَ فاسْتَأْذَنَهُ في الرُّجُوعِ إلى أهْلِهِ فَقالَ: (انْطَلِقْ فَواللَّهِ ما أنْتَ بِمُنافِقٍ ولا مُرْتابٍ)» وكانَ المُنافِقُونَ إذا اسْتَأْذَنُوا نَظَرَ إلَيْهِمْ ولَمْ يَأْذَنْ لَهم فَكانَ بَعْضُهم يَقُولُ لِبَعْضٍ: مُحَمَّدٌ يَزْعُمُ أنَّهُ بُعِثَ بِالعَدْلِ وهَكَذا يَصْنَعُ بِنا.
﴿واسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ﴾ يَعْنِي لِمَن أذِنَ لَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ لِيَزُولَ عَنْهُ بِاسْتِغْفارِهِ مَلامَةَ الِانْصِرافِ قالَ قَتادَةُ: وهَذِهِ الآيَةُ ناسِخَةُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَفا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أذِنْتَ لَهُمْ﴾ الآيَةَ.(p-١٢٨)
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِذَا كَانُوا۟ مَعَهُۥ عَلَىٰۤ أَمۡرࣲ جَامِعࣲ لَّمۡ یَذۡهَبُوا۟ حَتَّىٰ یَسۡتَـٔۡذِنُوهُۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ فَإِذَا ٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِبَعۡضِ شَأۡنِهِمۡ فَأۡذَن لِّمَن شِئۡتَ مِنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمُ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}