الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَجاهِدُوا في اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ﴾ قالَ السُّدِّيُّ: اعْمَلُوا لِلَّهِ حَقَّ عَمَلِهِ، وقالَ الضَّحّاكُ أنْ يُطاعَ فَلا يُعْصى ويُذْكَرُ فَلا يُنْسى ويُشْكَرُ فَلا يُكْفَرُ. وَهو مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ [آلِ عِمْرانَ: ١٠٢] . واخْتَلَفَ في نُسَخِها عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّها مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التَّغابُنِ: ١٦] . (p-٤٢)والثّانِي: أنَّها ثابِتَةُ الحُكْمِ لِأنَّ حَقَّ جِهادِهِ ما ارْتَفَعَ مَعَهُ الحَرَجُ، رَوى سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَيْرُ دِينِكم أيْسَرُهُ» . ﴿هُوَ اجْتَباكُمْ﴾ أيِ اخْتارَكم لِدِينِهِ. ﴿وَما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ﴾ يَعْنِي مِن ضِيقٍ، وفِيهِ خَمْسَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ الخَلاصُ مِنَ المَعاصِي بِالتَّوْبَةِ. الثّانِي: المُخْرِجُ مِنَ الأيْمانِ بِالكَفّارَةِ. الثّالِثُ: أنَّهُ تَقْدِيمُ الأهِلَّةِ وتَأْخِيرُها في الصَّوْمِ والفِطْرِ والأضْحى، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الرّابِعُ: أنَّهُ رَخَّصَ السَّفَرَ مِنَ القَصْرِ والفِطْرِ. الخامِسُ: أنَّهُ عامٌّ لِأنَّهُ لَيْسَ في دِينِ الإسْلامِ ما لا سَبِيلَ إلى الخَلاصِ مِنَ المَأْثَمِ فِيهِ. ﴿مِلَّةَ أبِيكم إبْراهِيمَ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ وسَّعَ عَلَيْكم في الدِّينِ كَما وسَّعَ مِلَّةَ أبِيكم إبْراهِيمَ. الثّانِي: وافْعَلُوا الخَيْرَ كَفِعْلِ أبِيكم إبْراهِيمَ. الثّالِثُ: أنَّ مِلَّةَ إبْراهِيمَ وهي دِينُهُ لازِمَةٌ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وداخِلَةٌ في دِينِهِ. الرّابِعُ: أنَّ عَلَيْنا وِلايَةَ إبْراهِيمَ ولَيْسَ يَلْزَمُنا أحْكامُ دِينِهِ. (p-٤٣)﴿هُوَ سَمّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وفي هَذا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ سَمّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلِ هَذا القُرْآنِ وفي هَذا القُرْآنِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ. الثّانِي: أنَّ إبْراهِيمَ سَمّاكُمُ المُسْلِمِينَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ احْتِجاجًا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ [البَقَرَةِ: ١٢٨] . ﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكم وتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكم في إبْلاغِ رِسالَةِ رَبِّهِ إلَيْكم، وتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ تُبَلِّغُونَهم رِسالَةَ رَبِّهِمْ كَما بَلَغْتُمْ إلَيْهِمْ ما بَلَّغَهُ الرَّسُولُ إلَيْكم. الثّانِي: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكم بِأعْمالِكم وتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ بِأنَّ رُسُلَهم قَدْ بَلَّغُوهم. ﴿فَأقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ يَعْنِي المَفْرُوضَةَ. ﴿وَآتُوا الزَّكاةَ﴾ يُعْنى الواجِبَةَ. ﴿واعْتَصِمُوا بِاللَّهِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: امْتَنِعُوا بِاللَّهِ، وهو قَوْلُ ابْنِ شَجَرَةَ. والثّانِي: مَعْناهُ تَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّهِ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ. ﴿هُوَ مَوْلاكُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مالِكُكم. الثّانِي: ولِيُّكُمُ المُتَوَلِّي لِأُمُورِكم. ﴿فَنِعْمَ المَوْلى ونِعْمَ النَّصِيرُ﴾ أيْ فَنِعْمَ المَوْلى حِينَ لَمْ يَمْنَعْكُمُ الرِّزْقَ لَمّا عَصَيْتُمُوهُ، ونَعِمَ النَّصِيرُ حِينَ أعانَكم لَمّا أطَعْتُمُوهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب