﴿إنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: بِالكُفّارِ عَنِ المُؤْمِنِينَ، وبِالعُصاةِ عَنِ المُطِيعِينَ، وبِالجُهّالِ عَنِ العُلَماءِ.
والثّانِي: يَدْفَعُ بِنُورِ السُّنَّةِ ظُلُماتِ البِدْعَةِ، قالَهُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النّاسَ بَعْضَهم بِبَعْضٍ﴾ فِيهِ سِتَّةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ المُشْرِكِينَ بِالمُسْلِمِينَ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ.
الثّانِي: ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ عَنِ الدِّينِ بِالمُجاهِدِينَ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ.
والثّالِثُ: ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ بِالنَّبِيِّينَ عَنِ المُؤْمِنِينَ، وهَذا قَوْلُ الكَلْبِيِّ.
والرّابِعُ: ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ بِأصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَمَّنْ بَعْدَهم مِنَ التّابِعِينَ، وهَذا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ.
والخامِسُ: ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ بِشَهادَةِ الشُّهُودِ عَلى الحُقُوقِ، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ.
والسّادِسُ: ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ عَلى النُّفُوسِ بِالفَضائِلِ، وهَذا قَوْلُ قُطْرُبٍ.
وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي تَأْوِيلًا سابِعًا: ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ عَنِ المُنْكَرِ بِالمَعْرُوفِ.
﴿لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وبِيَعٌ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُها: أنَّها صَوامِعُ الرُّهْبانِ، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ.
والثّانِي: أنَّها مُصَلّى الصّابِئِينَ، وهو قَوْلُ قَتادَةَ.
(p-٣٠)وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «صَوْمَعَةُ المُؤْمِنِ بَيْتُهُ» وسُمِّيَتْ صَوْمَعَةً لِانْضِمامِ طَرَفَيْها، والمُنْصَمِعُ: المُنْضَمُّ، ومِنهُ أُذُنٌ صَمْعاءُ.
﴿وَبِيَعٌ﴾ فِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها بِيَعُ النَّصارى، وهو قَوْلُ قَتادَةَ.
والثّانِي: أنَّها كَنائِسُ اليَهُودِ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ، والبِيعَةُ اسْمٌ أعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ.
﴿وَصَلَواتٌ﴾ فِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها كَنائِسُ اليَهُودِ يُسَمُّونَها: صَلْوَتا، فَعُرِّبَ جَمْعُها، فَقِيلَ صَلَواتٌ، وهَذا قَوْلُ الضَّحّاكِ.
والثّانِي: مَعْناهُ: وتُرِكَتْ صَلَواتٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ عِيسى.
﴿وَمَساجِدُ﴾ المُسْلِمِينَ، ثُمَّ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: لِهَدْمِها الآنَ المُشْرِكُونَ لَوْلا دَفْعُ اللَّهِ بِالمُسْلِمِينَ، وهو مَعْنى قَوْلِ الضَّحّاكِ.
والثّانِي: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ في أيّامِ شَرِيعَةِ مُوسى، وبِيَعٌ في أيّامِ شَرِيعَةِ عِيسى ومَساجِدُ في أيّامِ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وهَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ، فَكانَ المُرادُ بِهَدْمِ كُلِّ شَرِيعَةٍ، المَوْضِعَ الَّذِي يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهِ.(p-٣١)
{"ayahs_start":38,"ayahs":["۞ إِنَّ ٱللَّهَ یُدَ ٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّانࣲ كَفُورٍ","أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُوا۟ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِیرٌ","ٱلَّذِینَ أُخۡرِجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِم بِغَیۡرِ حَقٍّ إِلَّاۤ أَن یَقُولُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّهُدِّمَتۡ صَوَ ٰمِعُ وَبِیَعࣱ وَصَلَوَ ٰتࣱ وَمَسَـٰجِدُ یُذۡكَرُ فِیهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِیرࣰاۗ وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ","ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡا۟ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡا۟ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ"}