(p-٣٩٩)﴿وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى﴾ لَيْسَ هَذا سُؤالَ اسْتِفْهامٍ، وإنَّما هو سُؤالُ تَقْرِيرٍ لِئَلّا يَدْخُلَ عَلَيْهِ ارْتِيابٌ بَعْدَ انْقِلابِها حَيَّةً تَسْعى.
﴿قالَ هي عَصايَ﴾ فَتَضَمَّنَ جَوابُهُ أمْرَيْنِ: أحَدُهُما: الإخْبارُ بِأنَّها عَصًا وهَذا جَوابٌ كافٍ.
الثّانِي: إضافَتُها إلى مِلْكِهِ، وهَذِهِ زِيادَةٌ ذَكَرَها لِيَكْفِيَ الجَوابُ بِما سُئِلَ عَنْهُ.
ثُمَّ أخْبَرَ عَنْ حالِها بِما لَمْ يُسْألْ عَنْهُ لِيُوَضِّحَ شِدَّةَ حاجَتِهِ إلَيْها واسْتِعانَتِهِ بِها لِئَلّا يَكُونَ عابِئًا بِحَمْلِها، فَقالَ: ﴿أتَوَكَّأُ عَلَيْها وأهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي﴾ أيْ أخَبِطُ بِها ورَقَ الشَّجَرِ لِتَرْعاهُ غَنَمِي.
قالَ الرّاجِزُ:
؎ أهُشُّ بِالعَصا عَلى أغْنامِي مِن ناعِمِ الأراكِ والبَشّامِ.
وَقَرَأ عِكْرِمَةُ ( وأهُسُّ) بِسِينٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ.
وَفي الهَشِّ والهَسِّ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُما لُغَتانِ مَعْناهُما واحِدٌ.
والثّانِي: أنَّ مَعْناهُما مُخْتَلِفٌ، فالهَشُّ بِالمُعْجَمَةِ: خَبْطُ الشَّجَرِ، والهَسُّ بِغَيْرِ إعْجامٍ زَجْرُ الغَنَمِ.
﴿وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى﴾ أيْ حاجاتٌ أُخْرى، فَنَصَّ عَلى اللّازِمِ وكَنّى عَنِ العارِضِ، وفِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ كانَ يَطْرُدُ بِها السِّباعَ، قالَهُ مُقاتِلٌ: الثّانِي: أنَّهُ كانَ يَقْدَحُ بِها النّارَ، ويَسْتَخْرِجُ الماءَ بِها.
(p-٤٠٠)الثّالِثُ: أنَّها كانَتْ تُضِيءُ لَهُ بِاللَّيْلِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["وَمَا تِلۡكَ بِیَمِینِكَ یَـٰمُوسَىٰ","قَالَ هِیَ عَصَایَ أَتَوَكَّؤُا۟ عَلَیۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِی وَلِیَ فِیهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ","قَالَ أَلۡقِهَا یَـٰمُوسَىٰ","فَأَلۡقَىٰهَا فَإِذَا هِیَ حَیَّةࣱ تَسۡعَىٰ","قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِیدُهَا سِیرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ"],"ayah":"قَالَ هِیَ عَصَایَ أَتَوَكَّؤُا۟ عَلَیۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِی وَلِیَ فِیهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ"}