قَوْلُهُ تَعالى: ﴿خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ﴾ يَعْنِي بِجِدٍّ واجْتِهادٍ.
﴿واسْمَعُوا﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي فاعْمَلُوا بِما سَمِعْتُمْ.
الثّانِي: أيِ اقْبَلُوا ما سَمِعْتُمْ، كَما قِيلَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، أيْ قَبِلَ اللَّهُ حَمْدَهُ، وقالَ الرّاجِزُ:
؎ السَّمْعُ والطّاعَةُ والتَّسْلِيمُ خَيْرٌ وأعْفى لِبَنِي تَمِيمِ
﴿قالُوا سَمِعْنا وعَصَيْنا﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم قالُوا ذَلِكَ حَقِيقَةً، ومَعْناهُ: سَمِعْنا قَوْلَكَ وعَصَيْنا أمْرَكَ.
والثّانِي: أنَّهم لَمْ يَقُولُوهُ ولَكِنْ فَعَلُوا ما دَلَّ عَلَيْهِ، فَقامَ الفِعْلُ مِنهم مَقامَ القَوْلِ كَما قالَ الشّاعِرُ:
؎ امْتَلَأ الحَوْضُ وقالَ قَطْنِي ∗∗∗ مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلَأْتَ بَطْنِي
﴿وَأُشْرِبُوا في قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّ مُوسى بَرَدَ العِجْلَ وذَرّاهُ في الماءِ، فَكانَ لا يَشْرَبُهُ أحَدٌ يُحِبُّ العِجْلَ إلّا ظَهَرَتْ نُخالَةُ الذَّهَبِ عَلى شَفَتَيْهِ، وهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ، وابْنِ جُرَيْجٍ.
والثّانِي: أنَّهم أُشْرِبُوا حُبَّ العِجْلِ في قُلُوبِهِمْ، يُقالُ: أُشْرِبَ قَلْبُهُ حُبَّ كَذا، قالَ زُهَيْرٌ:
؎ فَصَحَوْتُ عَنْها بَعْدَ حُبٍّ داخِلٍ ∗∗∗ والحُبُّ تُشْرِبُهُ فُؤادَكَ داءُ(p-١٦٢)
{"ayah":"وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُوا۟ مَاۤ ءَاتَیۡنَـٰكُم بِقُوَّةࣲ وَٱسۡمَعُوا۟ۖ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا وَأُشۡرِبُوا۟ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا یَأۡمُرُكُم بِهِۦۤ إِیمَـٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}