قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي في أغْطِيَةٍ وأكِنَّةٍ لا تَفْقَهُ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ وقَتادَةَ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: يَعْنِي أوْعِيَةً لِلْعِلْمِ، وهَذا قَوْلُ عَطِيَّةَ، ورِوايَةُ الضَّحّاكِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ واللَّعْنُ: الطَّرْدُ والإبْعادُ، ومِنهُ قَوْلُ الشَّمّاخِ:
؎ ذَعَرْتُ بِهِ القَطا ونَفَيْتُ عَنْهُ مَقامَ الذِّئْبِ كالرَّجُلِ اللَّعِينِ
وَوَجْهُ الكَلامِ: مَقامُ الذِّئْبِ اللَّعِينِ كالرَّجُلِ.
في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَقَلِيلا ما يُؤْمِنُونَ﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ فَقَلِيلٌ مِنهم مَن يُؤْمِنُ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ، لِأنَّ مَن آمَنَ مِن أهْلِ الشِّرْكِ أكْثَرُ مِمَّنْ آمَنَ مِن أهْلِ الكِتابِ.
والثّانِي: مَعْناهُ فَلا يُؤْمِنُونَ إلّا بِقَلِيلٍ مِمّا في أيْدِيهِمْ، وهو مَرْوِيٌّ عَنْ قَتادَةَ.
وَمَعْنى ( ما ) هُنا الصِّلَةُ لِلتَّوْكِيدِ كَما قالَ مُهَلْهِلٌ:
؎ لَوْ بِأبانَيْنِ جاءَ يَخْطُبُها ∗∗∗ خُضِّبَ ما أنْفُ خاضِبٍ بِدَمِ(p-١٥٨)
{"ayah":"وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ"}