الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يَعْنِي: صَدَّقُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ. ﴿والَّذِينَ هادُوا﴾ هُمُ اليَهُودُ، وفي تَسْمِيَتِهِمْ بِذَلِكَ، ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: نُسِبُوا إلى يَهُوذا أكْبَرِ ولَدِ يَعْقُوبَ، فَقَلَبَتِ العَرَبُ الذّالَ دالًا، لِأنَّ الأعْجَمِيَّةَ إذا عُرِّبَتْ، غَيَّرَتْ مِن لَفْظِها. (p-١٣٢)
والثّانِي: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ: هادَ القَوْمُ يَهُودُونَ هَوْدَةً وهِيادَةً، إذا تابُوا، قالَ زُهَيْرٌ:
؎ سِوى مَرْبَعٍ لَمْ تَأْتِ فِيهِ مَخافَةً ولا رَهَقًا مِن عابِدٍ مُتَهَوِّدِ
يَعْنِي مِن عابِدٍ تائِبٍ، فَسُمُّوا يَهُودًا لِتَوْبَتِهِمْ مِن عِبادَةِ العِجْلِ.
والثّالِثُ: أنَّهم سُمُّوا يَهُودًا، مِن أجْلِ قَوْلِهِمْ: إنّا هُدْنا إلَيْكَ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ.
وَ ﴿والنَّصارى﴾، جَمْعٌ وواحِدُهُ (نَصْرانِيٌّ)، وقِيلَ: (نَصْرانُ) بِإسْقاطِ الياءِ، وهَذا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وقالَ الخَلِيلُ بْنُ أحْمَدَ: واحِدُهُ نَصْرِيٌّ، والأوَّلُ هو المُسْتَعْمَلُ.
وَفي تَسْمِيَتِهِمْ بِذَلِكَ، ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهم سُمُّوا بِذَلِكَ، لِقَرْيَةٍ تُسَمّى (ناصِرَةَ)، كانَ يَنْزِلُها عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَنُسِبَ إلَيْها، فَقِيلَ: عِيسى النّاصِرِيُّ، ثُمَّ نُسِبَ أصْحابُهُ إلَيْهِ فَقِيلَ: النَّصارى، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ.
والثّانِي: أنَّهم سُمُّوا بِذَلِكَ، لِنُصْرَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، قالَ الشّاعِرُ:
؎ لَمّا رَأيْتُ نَبَطًا أنْصارا ∗∗∗ شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتِيَ الإزارا
؎ كُنْتُ لَهم مِنَ النَّصارى جارا
والثّالِثُ: أنَّهم سُمُّوا بِذَلِكَ، لِقَوْلِهِ: ﴿مَن أنْصارِي إلى اللَّهِ﴾ ﴿والصّابِئِينَ﴾، جَمْعٌ، واحِدُهُ: صابِئٌ، واخْتُلِفَ في هَمْزِهِ، فَهَمَزَهُ الجُمْهُورُ إلّا نافِعًا.
واخْتُلِفَ في المَأْخُوذِ مِنهُ هَذا الِاسْمُ، عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الطُّلُوعِ والظُّهُورِ، مِن قَوْلِهِمْ: صَبَأ نابُ البَعِيرِ، إذا طَلَعَ، وهَذا قَوْلُ الخَلِيلِ.
والثّانِي: أنَّ الصّابِئَ: الخارِجُ مِن شَيْءٍ إلى شَيْءٍ، فَسُمِّيَ الصّابِئُونَ بِهَذا (p-١٣٣)
الِاسْمِ، لِخُرُوجِهِمْ مِنَ اليَهُودِيَّةِ والنَّصْرانِيَّةِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ.
والثّالِثُ: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ: صَبا يَصْبُو، إذا مالَ إلى الشَّيْءِ وأحَبَّهُ، وهَذا قَوْلُ نافِعٍ; ولِذَلِكَ لَمْ يُهْمَزْ.
واخْتُلِفَ فِيهِمْ: فَقالَ مُجاهِدٌ، والحَسَنُ، وابْنُ أبِي نَجِيحٍ: الصّابِئُونَ بَيْنَ اليَهُودِ والمَجُوسِ، وقالَ قَتادَةُ: الصّابِئُونَ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ المَلائِكَةَ، ويُصَلُّونَ إلى القِبْلَةِ، [وَيَقْرَأُونَ الزَّبُورَ ويُصَلُّونَ الخَمِيسَ] وقالَ السُّدِّيُّ: هم طائِفَةٌ مِن أهْلِ الكِتابِ، وقالَ الخَلِيلُ: هم قَوْمٌ شَبِيهٌ دِينُهم بِدِينِ النَّصارى، إلّا أنَّ قِبْلَتَهم نَحْوَ مَهَبِّ الجَنُوبِ حِيالَ مُنْتَصَفِ النَّهارِ، يَزْعُمُونَ أنَّهم عَلى دِينِ نُوحٍ.
وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صالِحًا فَلَهم أجْرُهم عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها نَزَلَتْ في سَلْمانَ الفارِسِيِّ وأصْحابِهِ النَّصارى الَّذِينَ كانَ قَدْ تَنَصَّرَ عَلى أيْدِيهِمْ، قَبْلَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكانُوا قَدْ أخْبَرُوهُ بِأنَّهُ سَيُبْعَثُ، وأنَّهم مُؤْمِنُونَ بِهِ إنْ أدْرَكُوهُ، وهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ.
والثّانِي: أنَّها مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنهُ﴾ [آلِ عِمْرانَ: ٨٥]، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
فَإنْ قِيلَ: فَلِمَ قالَ: ﴿وَعَمِلَ صالِحًا﴾ عَلى التَّوْحِيدِ، ثُمَّ قالَ: ﴿فَلَهم أجْرُهم عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ عَلى الجَمْعِ؟ قِيلَ: لِأنَّ اللَّفْظَ (مَن) لَفْظُ الواحِدِ، ومَعْناهُ الجَمْعُ، فَمَرَّةً يُجْمَعُ عَلى اللَّفْظِ، ومَرَّةً يُجْمَعُ عَلى المَعْنى، قالَ الشّاعِرُ:
؎ ألِمّا بِسَلْمى عَنْكُما إنْ عَرَضْتُما ∗∗∗ وقُولا لَها عُوجِي عَلى مَن تَخَلَّفُوا(p-١٣٤)
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـِٔینَ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق