الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَفُومِها﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّهُ الحِنْطَةُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ، والسُّدِّيِّ، وأنْشَدَ ابْنُ عَبّاسٍ مَن سَألَهُ عَنِ الفُومِ، وأنَّهُ الحِنْطَةُ قَوْلَ أُحَيْحَةَ بْنِ الجُلاحِ:
؎ قَدْ كُنْتُ أغْنى النّاسِ شَخْصًا واحِدًا ورَدَ المَدِينَةَ عَنْ زِراعَةِ فُومِ
والثّانِي: أنَّهُ الخُبْزُ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ، وابْنِ زَيْدٍ، وعَطاءٍ. (p-١٢٩)
والثّالِثُ: أنَّهُ الثُّومُ بِالثّاءِ، وذَلِكَ صَرِيحٌ في قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ والكِسائِيِّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا﴾: قَرَأ عامَّةُ القُرّاءِ بِالتَّنْوِينِ، وقَرَأ بَعْضُهم بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، وهي كَذَلِكَ، وقِراءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِغَيْرِ ألِفٍ.
وَفي المِصْرِ الَّذِي عَناهُ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ أرادَ أيَّ مِصْرٍ، أرادُوا مِن غَيْرِ تَعْيِينٍ; لِأنَّ ما سَألُوا مِنَ البَقْلِ والقِثّاءِ والفُومِ، لا يَكُونُ إلّا في الأمْصارِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ، والسُّدِّيِّ ومُجاهِدٍ، وابْنِ زَيْدٍ.
والثّانِي: أنَّهُ أرادَ مِصْرَ فِرْعَوْنَ، الَّذِي خَرَجُوا مِنهُ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ، وأبِي العالِيَةِ والرَّبِيعِ.
واخْتُلِفَ في اشْتِقاقِ المِصْرِ، فَمِنهم مَن قالَ: إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ القَطْعِ، لِانْقِطاعِهِ بِالعِمارَةِ، ومِنهم مَن قالَ: إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الفَصْلِ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ، قالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
؎ وجاعِلُ الشَّمْسِ مِصْرًا لا خَفاءَ بِهِ ∗∗∗ بَيْنَ النَّهارِ وبَيْنَ اللَّيْلِ قَدْ فَصَلا
﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ والمَسْكَنَةُ وباءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأنَّهم كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ويَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِما عَصَوْا وكانُوا يَعْتَدُونَ﴾
وَفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مِنَ الذِّلَّةِ والصَّغارِ.
والثّانِي: أنَّهُ فَرَضَ الجِزْيَةَ عَلَيْهِمْ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ وقَتادَةَ.
وَفي (المَسْكَنَةِ) تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّها الفاقَةُ، وهو قَوْلُ أبِي العالِيَةِ.
والثّانِي: أنَّهُ الفَقْرُ، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ. (p-١٣٠)
وَفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَباءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: وهو قَوْلُ أبِي العَبّاسِ المُبَرِّدِ: أنَّ أصْلَ ذَلِكَ: المَنزِلَةُ، ومَعْناهُ أنَّهم نُزِّلُوا بِمَنزِلَةِ غَضَبِ اللَّهِ، ورُوِيَ: «أنَّ رَجُلًا جاءَ بِرَجُلٍ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: هَذا قاتِلُ أخِي، قالَ (فَهُوَ بَواءٌ بِهِ)» أيْ أنَّهُ مَقْتُولٌ، فَيَصِيرُ في مَنزِلَتِهِ، وتَقُولُ لَيْلى الأخْيَلِيَّةُ:
؎ فَإنْ يَكُنِ القَتْلى بَواءً فَإنَّكم ∗∗∗ فَتًى ما قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بْنِ عامِرِ
والثّانِي: وهو قَوْلُ أبِي إسْحاقَ الزَّجّاجِ: أنَّ أصْلَ ذَلِكَ التَّسْوِيَةُ، ومَعْناهُ: أنَّهم تَساوَوْا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، ومِنهُ ما يُرْوى عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ قالَ: « (جَعَلَ اللَّهُ الأنْفالَ إلى نَبِيِّهِ ﷺ، فَقَسَمَها بَيْنَهم عَلى بَواءٍ)،» أيْ عَلى سَواءٍ بَيْنَهم في القَسْمِ.
والثّالِثُ: وهو قَوْلُ الكِسائِيِّ، أنَّ مَعْناهُ أنَّهم رَجَعُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، قالَ: البَواءُ: الرُّجُوعُ، إلّا أنَّهُ لا يَكُونُ رُجُوعًا إلّا بِشَيْءٍ: إمّا بِشَرٍّ، وإمّا بِخَيْرٍ.
وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ; إنَّما جازَ أنْ يُخَلِّيَ بَيْنَ الكُفّارِ وقَتْلِ الأنْبِياءِ، لِيَنالُوا مِن رَفِيعِ المَنازِلِ ما لا يَنالُونَهُ بِغَيْرِهِ، ولَيْسَ ذَلِكَ بِخِذْلانٍ لَهُمْ، كَما يَفْعَلُ بِالمُؤْمِنِينَ مِن أهْلِ طاعَتِهِ.
والثّانِي: وهو قَوْلُ الحَسَنِ، أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ، ما أمَرَ نَبِيًّا بِالحَرْبِ إلّا نَصَرَهُ فَلَمْ يُقْتَلْ، وإنَّما خَلّى بَيْنَ الكُفّارِ وبَيْنَ قَتْلِ مَن لَمْ يُؤْمَرْ بِالقِتالِ مِنَ الأنْبِياءِ.
وَ(الأنْبِياءُ) جَمْعُ (نَبِيٍّ) وقَدْ جاءَ في جَمْعِ (نَبِيٍّ): (نُبَآءُ)، قالَ العَبّاسُ ابْنُ مِرْداسٍ السُّلَمِيُّ، يَمْدَحُ النَّبِيَّ ﷺ: (p-١٣١)
؎ يا خاتَمَ النُّبَآءِ إنَّكَ مُرْسَلٌ ∗∗∗ بِالحَقِّ حَيْثُ هُدى الإلَهِ هَداكا
وَهُوَ غَيْرُ مَهْمُوزٍ في قِراءَةِ الجُمْهُورِ إلّا نافِعًا، فَإنَّهُ قَرَأ الأنْبِياءَ، والنَّبِيئِينَ بِالهَمْزِ.
وَفِيما أُخِذَ مِنهُ اسْمُ النَّبِيِّ، ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّبَإ، وهو الخَبَرُ، لِأنَّهُ يُنْبِئُ عَنِ اللَّهِ، أيْ يُخْبِرُ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما في صُحُفِ مُوسى﴾ [النَّجْمِ: ٣٦] . والثّانِي: أنَّ أصْلَ النَّبِيِّ هو الطَّرِيقُ، قالَ القُطامِيُّ
؎ لَمّا ورَدْنا نَبِيًّا واسْتَتَبَّ لَنا ∗∗∗ مُسْتَحْفَرٌ بِخُطُوطِ النَّسْجِ مُنْسَجِلُ
فَسُمِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَبِيًّا، لِأنَّهُ الطَّرِيقُ إلَيْهِ.
والثّالِثُ: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ النُّبُوَّةِ; لِأنَّ مَنزِلَةَ الأنْبِياءِ رَفِيعَةٌ.
{"ayah":"وَإِذۡ قُلۡتُمۡ یَـٰمُوسَىٰ لَن نَّصۡبِرَ عَلَىٰ طَعَامࣲ وَ ٰحِدࣲ فَٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ یُخۡرِجۡ لَنَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۢ بَقۡلِهَا وَقِثَّاۤىِٕهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَاۖ قَالَ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِی هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِی هُوَ خَیۡرٌۚ ٱهۡبِطُوا۟ مِصۡرࣰا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلۡتُمۡۗ وَضُرِبَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلۡمَسۡكَنَةُ وَبَاۤءُو بِغَضَبࣲ مِّنَ ٱللَّهِۗ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانُوا۟ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّۗ ذَ ٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق