قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الغَمامَ﴾: والغَمامُ: هو ما غَمَّ السَّماءَ، فَغَطّاها مِن سَحابٌ وقَتامٌ، وكُلُّ مُغَطٍّ فَهو غَمامٌ، ومِنهُ: غُمَّ الهِلالُ، أيْ غَطّاهُ الغَيْمُ.
وَفي الغَمامِ الَّذِي ظَلَّلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ السَّحابَةُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّهُ الَّذِي أتى المَلائِكَةُ في يَوْمِ بَدْرٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ﴾ [البَقَرَةِ: ٢١٠] وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَأنْزَلْنا عَلَيْكُمُ المَنَّ والسَّلْوى﴾ فِيهِ سَبْعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ المَنَّ ما سَقَطَ عَلى الشَّجَرِ فَيَأْكُلُهُ النّاسُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّ المَنَّ صَمْغَةٌ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ.
والثّالِثُ: أنَّ المَنَّ شَرابٌ، كانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ يَشْرَبُونَهُ بَعْدَ مَزْجِهِ بِالماءِ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ.
والرّابِعُ: أنَّ المَنَّ عَسَلٌ، كانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ، وهو قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ.
والخامِسُ: أنَّ المَنَّ الخُبْزُ الرُّقاقُ، هو قَوْلُ وهْبٍ.
والسّادِسُ: أنَّهُ الزَّنْجَبِيلُ، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ.
والسّابِعُ: أنَّهُ التَّرَنْجَبِينُ.
وَفي السَّلْوى قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ السُّمانِيُّ.
والثّانِي: أنَّهُ طائِرٌ يُشْبِهُ السُّمانِيِّ كانَتْ تَحْشُرُهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ الجَنُوبُ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، واشْتِقاقُهُ مِنَ السُّلُوِّ، كَأنَّهُ مُسَلِّي عَنْ غَيْرِهِ.
قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كانَ الرَّجُلُ مِنهم إنْ أخَذَ مِنَ المَنِّ والسَّلْوى زِيادَةً عَلى طَعامِ يَوْمٍ واحِدٍ فَسَدَ، إلّا يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَإنَّهم كانُوا إذا أخَذُوا طَعامَ يَوْمَيْنِ لَمْ يَفْسُدْ.
وَفي قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ﴾ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: (p-١٢٥)
أحَدُها: الشَّهِيّاتُ اللَّذِيذَةُ.
والثّانِي: أنَّهُ الحَلالُ.
والثّالِثُ: أنَّها المُباحُ.
{"ayah":"وَظَلَّلۡنَا عَلَیۡكُمُ ٱلۡغَمَامَ وَأَنزَلۡنَا عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا رَزَقۡنَـٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ"}