قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿واتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: (p-١١٧)
أحَدُهُما: مَعْناهُ: لا تُغْنِي، كَما يُقالُ: البَقَرَةُ تَجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ أيْ تُغْنِي، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ.
والثّانِي: مَعْناهُ لا تَقْضِي، ومِنهُ قَوْلُهُمْ: جَزى اللَّهُ فُلانًا عَنِّي خَيْرًا، أيْ قَضاهُ، وهو قَوْلُ المُفَضَّلِ.
﴿وَلا يُقْبَلُ مِنها شَفاعَةٌ﴾ قالَ الحَسَنُ: مَعْناهُ لا يَجِيءُ بِشَفِيعٍ تُقْبَلُ شَفاعَتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْهُ، وقالَ غَيْرُهُ: بَلْ مَعْناهُ، أنَّ الشَّفِيعَ لا يُجِيبُهُ إلى الشَّفاعَةِ لَهُ، وأنَّهُ لَوْ شُفِّعَ لَشَفَعَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلا يُؤْخَذُ مِنها عَدْلٌ﴾: العَدْلُ بِفَتْحِ العَيْنِ: الفِدْيَةُ، وبِكَسْرِ العَيْنِ: المِثْلُ.
فَأمّا قَوْلُهُمْ: لا قَبِلَ اللَّهُ مِنهُ صَرْفًا، ولا عَدْلًا، فَفِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ الصَّرْفَ العَمَلُ، والعَدْلَ الفِدْيَةُ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ.
والثّانِي: أنَّ الصَّرْفَ الدِّيَةُ، والعَدْلَ رَجُلٌ مَكانَهُ، وهَذا قَوْلُ الكَلْبِيِّ.
والثّالِثُ: أنَّ الصَّرْفَ التَّطَوُّعُ، والعَدْلَ الفَرِيضَةُ، وهَذا قَوْلُ الأصْمَعِيِّ.
والرّابِعُ: أنَّ الصَّرْفَ الحِيلَةُ، والعَدْلَ الفِدْيَةُ، وهَذا قَوْلُ أبِي عُبَيْدَةَ.
{"ayah":"وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا لَّا تَجۡزِی نَفۡسٌ عَن نَّفۡسࣲ شَیۡـࣰٔا وَلَا یُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَـٰعَةࣱ وَلَا یُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلࣱ وَلَا هُمۡ یُنصَرُونَ"}